للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ حتى مالت لأدنى روضة فرتعت فيها،

وجلس الشيخ عندها للعشاء فغطى وجهه في ثوبه من البرد، وتبعه السليك، فلما وجد الشيخ مغتراً ختله من ورائه ثم ضربه فأطار رأسه وصاح بالإبل فاطردها، فلم يشعر أصحابه - وقد ساء ظنهم به وتخوفوا عليه - حتى اذا هم بالسليك يطردها، فطردوها معه فقال السليك (١) :

وعاشية رج بطان ذعرتها ... (٢) بصوت قتيل وسطها يتسيف

فبات لها أهل خلاء فناؤهم ... (٣) ومرت بهم طير فلم يتعيفوا

وباتوا يظنون الظنون وصحبتي ... (٤) إذا ما علوا نشزاً أهلوا وأوجفوا

وما نلتها حتى تصعلكت حقبة ... (٥) وكدن لأسباب المنية أعرف

وحتى رأيت الجوع بالصيف ضرني ... (٦) إذا قمت يغشاني ظلال فأسدف

- ١٤ -

زعموا أن العيار بن عبد الله الضبي ثم أحد بني السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة وفد هو وحبيش بن دلف وضرار بن عمرو الضبيان على النعمان فأكرمهم وأجرى عليهم نزلا، وكان العيار رجلاً بطالاً يقول الشعر ويضحك الملوك، وكان قد قال قبل ذلك (٧) :

لا أذبح النازي (٨) الشبوب ولا ... أسلخ يوم المقامة العنقا


(١) انظر مصادر المثل فيما تقدم.
(٢) العاشية: الإبل؛ الرج: الواسعة الاخفاف، يتسيف: يضرب بالسيف.
(٣) لم يتعيفوا: لم يزجروا الطير فيعلموا ما تنبئ به.
(٤) اهلوا: رفعوا أصواتهم؛ أوجفوا: استحثوا إبلهم.
(٥) اعرف: أصبر.
(٦) اسدف: يظلم بصري من شدة الجوع.
(٧) الأول من هذه الأبيات في فصل المقال: ٢١٢ والميداني ١: ٢٨ والفاخر: ٥٦ وانظر اللسان (عنق) .
(٨) فصل المقال: البازل.

<<  <   >  >>