للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يظل نساء الحي يعكفن حوله ... (١) يقلن عسيب من سرارة ملهماً

له شربتان بالعشىِّ (٢) وشربة ... من الليل حتى آض جيشاً (٣) مورماً

كان السلاح فوق شعبة بانة ... (٤) ترى نفخاً ورد الأسرة أسحما

ويشرب حتى تخمر المحض قلبه ... (٥) وإن أعطه أترك لقلبي مجثماً فلما قال ذلك قال له عبد عمرو: ما قال لك شر مما قال لي ثم انشده قول طرفة:

وليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثاً حول قبتنا تخور قال عمرو: وما أصدقك عليه - وقد صدقه، ولكن عمراً خاف ان ينذره وتدركه له الرحم - فمكث غير كثير ثم دعا المتلمس وطرفة فقال: لعلكما قد اشتقتما إلى أهلكما، وسركما أن تنصرفا، قالا: نعم، فكتب لهما إلى عاملة على هجر ان يقتلهما، وأخبرهما أنه قد كتب لهما بحباءٍ ومعروف، فأعطى كل واحد منهما صحيفة، فخرجا وكان المتلمس قد أسن فمر بنهر الحيرة على غلمان يلعبون المتلمس: هل لك أن تنظر في كتابنا فان كان خيراً مضينا له، وإن كان شراً القيناه، فأبى عليه طرفة، فأعطى المتلمس كتابه بعض الغلمان فقراه عليه فاذا فيه السوأة، فالقى كتابه في الماء وقال لطرفة: اطعني وألق كتابك، فأبى طرفة ومضى


(١) ملهم: اسم موضع باليمامة مشهور بالنخل؛ والعسيب هو عسيب النخلة، وسرارة كل شيء وسطه وأفضله.
(٢) الديوان: له شربتان بالنهار وأربع.
(٣) الديوان: سخداً؛ والسخد هو ماء الرحم الذي يخرج مع المولد، والجبس الغليظ.
(٤) البانة شجرة ضعيفة، شبه جسمه بها في لينه ورخاوته، وأنه منتفخ أحمر اسرة البطن مع النعمة، والأسرة: طرائق العكن؛ والاسحم: الأسود الذي ليس بخالص السواد، ويروى اصحما وهو الأسود إلى الصفرة.
(٥) المحض: الخالص لعله يعني الخمرة أو اللبن، وفي الديوان: يغمر المحض؛ يقول ولو أنني أعطيت لك الشراب لم أكثر من شربه وتركت لقلبي موضعاً يجثم فيه.

<<  <   >  >>