للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تتحدث المصادر بشيء محدد مباشر عن أبيه محمد، ولكن بعضها التفت إلى جده يعلى، فذكر أنه كان من موظفي الدولة الأموية، وأن نيله لوظيفته تم على أثر رؤيا رآها؛ فقد رأى في منامه كأن على بابه حبشية عوراء يلوح عليها سواد، فصحا مفزعاً، وفي مساء اليوم نفسه استدعاه الحجاج فولاه خراج الري وهمذان والماهين (١) . ولست أدري وجه دلالة ((الحبشية العوراء التي يلوح عليها سواد)) لدى عابري الرؤى، ولكن من السهل أن نتصور - بناءً على قاعدة التضاد بين الحلم والواقع - أن الفزع في الصباح تحول إلى سرور في المساء.

ولا ريب في أن المفضل كوفي: ولد في الكوفة ونشأ بها، وفيها نال ثقافته الأولى، وخلف زياداً الأعرابي على زوجته بعد وفاة زوجها، وكفل ابنها محمداً - الذي أصبح من بعد عالماً يعرف بابن الأعرابي - ورباه وتعهد تثقيفه (٢) .

وكان من شيوخه الكوفيين (٣) المقرئ المشهور عاصم بن أبي النجود (٤) ؛ فقد أخذ عنه القراءات والحديث (٥) ، ويقول في تصوير علاقته بهذا الشيخ: كنت آتي عاصماً فأقرأ عليه، وإذا لم آته أتاني في بيتي (٦) ؛ زفي قراءته إذا خالف عاصماً


(١) انظر انباء الرواة ٣: ٣٠٣، ٢٩٩ وقارن بتاريخ بغداد ١٣: ١٢٢ والماهان: الدينور ونهاوند، وقيل هي أيضاً مدينة بكرمان (معجم البلدان ٤: ٤٠٥) .
(٢) الفهرست: ٧٦ وتاريخ بغداد ١٣: ١٢١ وأنساب السمعاني ٨: ٣٨٥ والمعارف: ٥٤٦ وياقوت ١٩: ١٦٤ والمزهر ٢: ٤١١ وهذا يظهر الخلل في قول ابن الجزري ((وقيل أن ابن الأعرابي ادركه (غاية النهاية ٢: ٣٠٧) فإن ورود ((قيل)) في الخبر لا يجوز، وانظر معجم الأدباء ١٨: ١٩٠ ووفيات الأعيان ٤: ٣٠٦.
(٣) في شيوخ المفضل جملة انظر: تاريخ بغداد ١٣: ١٢١ والأنساب ٨: ٣٨٥ وأبناه الرواة ٣: ٢٩٨ - ٢٩٩ وميزان الاعتدال ٤: ١٧٠ ولسان الميزان ٦: ٨١ وفي القراء منهم خاصة: غاية المهاية ٢: ٣٠٧.
(٤) توفي عاصم سنة ١٢٧ أو ١٢٨، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٥: ٣٨.
(٥) لا يروي المفضل أحاديث كثيرة، ومما رواه: ((أن من الشعر حكماً)) تاريخ بغداد ١٣: ١٢٢ وأضداد ابن الأنباري ٣٤٣، عن أستاذه سماك بن حرب، وهو مضعف عند المحدثين (ميزان الاعتدال ولسان الميزان) .
(٦) انباه الرواة ٣: ٢٩٨ وغاية النهاية ٢: ٣٠٧.

<<  <   >  >>