للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلوف لم يشهد من رجالهم غير غلامين من بني أزنم (١) بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، فجالا في متن الفرس مرتدفيه وهو مقيد، فأعجلهما القوم عن حل قيده، واتبعهما القوم، فضبر بالغلامين (٢) ضبراً حتى نجوا به، ونادتهما إحدى الجاريتين أن مفتاح القيد مدفون في مذود الفرس بمكان الفرس بمكان كذا وكذا، فسبقا اليه حتى اطلقا حيث يرودونه (٣) فلما رأى ذلك قيس بن زهير رغب في الفرس فقال: لكما حكمكما وادفعا إلي الفرس، قالا: أو فاعل أنت هذا؟ قال: نعم، واستوثقا منه أن يرد ما أصاب من قليل أو كثير ثم يرجع عوده على بدئه ويطلق الفتاتين ويخلي عن الابل وينصرف عنهم راجعاً، ففعل ذلك قيس، ودفعا اليه الفرس. فلما رأى ذلك أصحاب قيس قالوا: لا والله لا نصالحك أبداً، أصبنا مائة من الابل وامرأتين فعمدت الى غنيمتنا فجعلتها في فرس لك تذهب به دوننا، فعظم في ذلك الشر حتى اشترى منهم غنيمتهم بمائة من الابل.

فلما جاء قرواش قال للغلامين: أين فرسي؟ فاخبراه الخبر فآبى إن يرضى إلا أن يدفع إليه فرسه، فعظم في ذلك الشر حتى تنافروا فيه، فقضي بينهم أن ترد الفتاتان والابل إلى قيس بن زهير ويرد عليه الفرس، فلما رأى ذلك قرواش رضي بعد شر، وانصرف قيس معه داحس، فمكث ما شاء الله.

فزعم بعضهم أن الرهان إنما هاجه بين قيس وبين حذيفة بن بدر أن قيساً دخل على بعض الملوك وعنده قينة لحذيفة بن بدر تغنيه بشعر امرىء القيس (٤) :

دار لهر والرباب وفرتنا ... ولميس قبل حوادث الأيام


(١) في طبعة الجوائب: أزيم، والتصويب عن الأغاني والنقائض، وانظر جداول كاسكل: ٦٩.
(٢) في طبعة الجوائب: فصبر الغلامان، والتصويب عن النقائض والأغاني؛ والضبر: أن يجمع قوائمه ويثب.
(٣) حيث يرودونه: لم ترد في النقائض والأغاني.
(٤) ديوان امرئ القيس: ١١٤.

<<  <   >  >>