للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم لا يثنيها، ثم التفت خلفها، فرجعت إلى مكانها الذي بركت فيه، فبركت فيه ثانية، واستقرت.

وقد قيل إن جبار بن صخر من بني سلمة كان من صالح المؤمنين جعل ينخسها منافسة لبني النجار: أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده، فكان لأبي أيوب وعيد على ذلك (١) . فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الناقة، فحمل أبو أيوب رحله، فأدخله داره، ونزل عليه السلام دار أبي أيوب.

وسأل عن المربد، فأخبر، فأراد شراءه للمسجد (٢) ، فأبت بنو النجار من بيعه، وبذلوه لله عز وجل دون ثمن. وقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم أبى أن يأخذ إلا بالثمن، فالله أعلم.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد، فبنى من اللبن، وجعلت عضادتاه الحجارة، وسواريه (٣) جذوع النخل، وسقفه الجريد، بعد أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنبشت، وبالنخل فقطع، وبالخرب فسويت، وعمل (٤) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل المسلمون فيه، حسبة لله تعالى.

ثم وادع اليهود (٥) ، فلم يبق إلا شهراً يسيراً حتى مات أبو أمامة أسعد


(١) يريد أن أبا أيوب توعد جباراً وقال له: يا جبار عن منزلي تنخسها! أما والذي بعثه بالحق لولا الإسلام لضربتك بالسيف. انظر السمهودي ١: ١٨٦.
(٢) انظر الخبر في بناء المسجد في ابن هشام ٢: ١٤٠، وابن سعد ١ / ٢: ١، والطبري ٢: ٢٥٦، وابن سيد الناس ١: ١٥٩، وابن كثير ٣: ٢١٤، والإمتاع: ٤٧، وتاريخ الخميس ١: ٣٤٣.
(٣) عضادتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل وشماله. وسوارى المسجد: أعمدته، والواحدة: سارية.
(٤) في الأصل: وعمله.
(٥) انظر خبر موادعته لليهود في ابن هشام ٢: ١٤٧، وابن سيد الناس ١: ١٩٧، وابن كثير ٣: ٢٢٤، والإمتاع: ٤٩.

<<  <   >  >>