للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعود كذلك المرضة في أقصى المدينة. يحب الطيب، ويكره الريح الردية.

يجالس الفقراء، ويواكل المساكين، ويلزم أهل (١) في أخلاقهم، ويستألف أهل الشرف بالبر لهم.

يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم، لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر.

يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك في غير قهقة، ويرى اللعب المباح فلا ينكره. ويسابق أهله على الأقدام، ويرفع الأصوات عليه فيصبر.

له لقاح (٢) وغنم، يتقوت هو أهله من ألبانها. وله عبيد وإماء، لا يتفضل عليهم في مأكل ولا ملبس.

ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لابد له من صلاح نفسه.

يخرج إلى بساتين أصحابه، ويقبل البر اليسير، ويشرب النبيذ الحلو. ولا يحقر مسكيناً لفقره وزمانته، ولا يهاب ملكاً لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله تعالى مستوياً.

أطعم السم، وسحر، فلم يقتل من سمه، ولا من سحره، إذ لم ير عليهما قتلاً، ولو وجب ذلك عليها لما تركهما.

قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة.

وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب، ونشأ في بلاد الجهل والصحارى، في بلد فقر، وذي رعية غنم.


(١) هكذا في الأصل، وأمام الجملة في النسخة الخطية علامة استفهام؛ وثمة كلمة ساقطة قبل قوله " في اخلاقهم " نحو كلمة " المروءة "
(٢) لقاح: إبل، جمع لقحة ولقوح، وهي، في الأصل: الحلوب.

<<  <   >  >>