للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان، كذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أوتي القرآن، وشيئًا آخر معه يجب اتباعه فيه.

وقد جاء مصرحًا في قول الحق -تبارك وتعالى- في وصف الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (الأعراف: من الآية: ١٥٧) وما دام اللفظ عاما، فهو شامل لما يحله، ويحرمه مما مصدره القرآن، أو مصدره وحي يوحيه الله تعالى.

وقد روى أبو داود عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ألا وإني أوتيت الكتاب، ومثله معه، ويدل على ذلك أن الله أوجب على المسلمين اتباع الرسول الأمين -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما يأمر به، أو ينهى عنه، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: من الآية: ٧) وقرن الله تعالى طاعة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- بطاعته في آيات كثيرة من القرآن، فقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آل عمران: ١٣٢) وحث على الاستجابة لما يدعو إليه، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: من الآية: ٢٤) واعتبر طاعته طاعة لله، واتباعه حبًّا لله، فقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: من الآية: ٨٠) وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران: من الآية: ٣١).

كما حذرنا الله -عز وجل- من مخالفة أمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: من الآية: ٦٣) بل أشار القرآن الكريم إلى أن مخالفته -صلى الله عليه وآله وسلم- كفر، فقال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (آل عمران: من الآية: ٣٢) وهذا محمول -أعني الكفر محمول- على رد ما جاء به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وتكذيبه، وأما مجرد المعصية، فلا تبلغ درجة الكفر على ما هو معروف من مذهب أهل السنة، والجماعة.

<<  <   >  >>