ولم يبح رب العزة، والجلال لأحد من أهل الإيمان أن يخالف أمر النبي عليه الصلاة والسلام قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا}(الأحزاب: ٣٦) واعتبر الله -عز وجل- من علامات النفاق الإعراض -انتبه الإعراض- عن تحكيم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في مواطن الخلاف قال تعالى:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ}(النور: ٤٧، ٤٨) إلى ما جاء في قوله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(النور: ٥١) بل جعل الله -عز وجل- من لوازم الإيمان ألا يذهب الصحابة حيث يكونون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون أن يستأذنوا منه، فقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(النور: ٦٢).
قال ابن القيم -رحمه الله-: فإذا جعل الله من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبًا إذا كانوا مع إلا باستئذانه، فأولى أن يكون من لوازمه ألا يذهبوا إلى قول ولا مذهب علمي إلا بعد استئذانه -صلى الله عليه وآله وسلم- وإذنه يعرف بدلالة ما جاء به على أنه أذن فيه. ومن هنا أقول: لا بد لنا من الرجوع إلى سنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لنتعلم ونعرف أحكام القرآن الكريم، وكيف نعمل به، وكيف نطبق كتاب الله -تبارك وتعالى- ولا يكون ذلك إلا من خلال ما جاءنا عن رسول الهدى والرحمة -صلى الله عليه وآله وسلم- قد كان صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- يرجعون إليه في كل أمر يحتاجون إليه، كانوا يرجعون إليه فيفسر لهم أحكام القرآن، ويبين لهم مشكلات القرآن، ويحكم بينهم في المنازعات، ويفصل في الخصومات، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يلتزمون حدود أمره، ونهيه، ويتبعونه في أعماله، وعباداته،