للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الوحدة، وإلى هذا الاتفاق، والله -عز وجل- قد أمرنا بأن نعتصم بحبله، ونهانا عن أن نتفرق، أو نختلف، أو أن يكون الأمر بيننا شيعًا وأحزابا قال جل ذكره: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (آل عمران: من الآية: ١٠٣).

الأثر السابع من أثر الإيمان في الفرد والمجتمع: الحفاظ على النفوس والأموال، فالإيمان بالله -تبارك وتعالى- هو الذي يغرس خوف الله وخشيته في القلوب، يردع النفوس عن الإفساد في الأرض، فتحفظ النفوس والأموال بذلك، وتحفظ من ناحية أخرى بسبب عدم بذلها في مسار يضيعها، فأهل الجاهلية كانوا ولا يزالون يبذلون أنفسهم وأموالهم في سبيل آلهة باطلة لا تضر، ولا تنفع، ولا تزال مئات الملايين إلى اليوم تذهب في كل عام في سبيل المعتقدات الباطلة، والذي يؤمن بالله -تبارك وتعالى- ويعلم أن المال مال الله -عز وجل- وحينما يقوم هذا المعتقد في القلب لن يخرج الإنسان مالًا إلا إذا كان ابتغاء وجه الله -تبارك وتعالى- لأنه يعلم أنه مستخلف في هذا المال، وأنه ليس فيه حق التصرف كما يشاء، بل له حق التصرف في حدود ما شرعه الله -سبحانه وتعالى- وبينه له.

الأثر الثامن: التوجه بالأعمال إلى الدار الآخرة، وهذا بعكس ما عليه الكفار الذين لا يؤمنون باليوم الآخر، فإن هؤلاء لا ينظرون إلى أبعد من موطئ أقدمهم؛ تصوراتهم، وأعمالهم، وإرادتهم محكومة بإطار الحياة الدنيا، أما المؤمن بالله -عز وجل- فهو ينظر نظرة أخرى، وينطلق انطلاقة أخرى، فهو يتوجه بأعماله إلى الله -عز وجل- يقصد بها وجه الله -تبارك وتعالى- يقول الله -جل ذكره-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (القصص: من الآية: ٧٧) فالإنسان الذي يعرف أصله الطيب، وربه الكريم العظيم، وغايته الكبيرة يشعر بالعزة والكرامة، أما الإنسان الذي يظن أن أصله قرد، أو جرثومة خبيثة، أو أن إلهه الشمس، أو القمر، أو البقر، أو أنه خلق عبثًا من غير غاية، فإنه مهين في نفسه،

<<  <   >  >>