هنا، وهذا في قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}(البقرة: من الآية: ٢١٩) هذا هو معنى الجهاد في اللغة.
أما الجهاد في الشرع، فهو: بذل الجهد في جهاد الكفار؛ لأن الكفر بالله يعتبر من أكبر الجرائم الشنيعة التي يرتكبها مخلوقٌ في حقِّ خالقه؛ لما فيه من عقوقٍ وجحودٍ للفضل والجَميل، ويُطلق الجهاد في الشرع أيضًا على مجاهدة النفس والشيطان والفساق، وتتحقق مجاهدة النفس بتعلم أمور الدين؛ لقول الله -تبارك وتعالى-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}(محمد: من الآية: ١٩) ولقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}(فاطر: من الآية: ٢٨).
ولقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين)) ولقوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((العلماء ورثة الأنبياء)) كما يتحقق بأمور الدين بالعمل وتعليم الدين ونشره مصداقًا لقول الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مَثَلُ ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث كثير أصاب أرضًا، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مَثَلُ مَنْ فَقِه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومَثَلُ مَنْ لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به)).
وقال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "كونوا ربانيين حلماء فقهاء" ويقال الرباني: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره؛ إذن الجهاد يكون أيضًا بتعلم أمور الدين ونشره والدعوة إليه.
أما مجاهدة الشيطان فإنها تتحقق بدفع ما يأتي به من الشبهات، وما يزينه من الشهوات؛ إذ أن الشيطان متوعد لآدم وبنيه، وذلك واضح من قول الله -تبارك