الجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى- ضروري لقيام الدعوة واستمرارها، وهو وسيلة من وسائلها، ونحن -معشر أمة الإسلام- لا نريد القتال أساسًا لأجل القتال ولا من أجل الحرب، وكذلك فلسنا أعداءً لأحدٍ من الناس من حيث الابتداء، ولكن لنا من بين الناس أعداء، الذين هم أعداء الله، والذين يوقدون نار الحرب ويسعون الفساد في الأرض، ويفتنون الناس عن الإيمان، ويصدون عن سبيل الله، والمؤمن يمضي بدعوته جاهدًا كي يفوت فرصة الفساد والإفساد، ويطفئ نار الفتنة والهلاك حتى تمضي الدعوة الإسلامية تشق طريقها، فإن أبوا إلا المضي في إشعال الفتنة والسعي في الفساد، فإنه لا مفر عندئذٍ من القتال، وكما يقولون: آخر الدواء الكي، فالجهاد في سبيل الله تعالى ليس هدفًا منفصلًا عن الدعوة إلى الله، بل هو مرتبطٌ بها ارتباطًا كاملًا، يدور القتال لأجل الدعوة ويتوقف لأجل الدعوة، فهو إذن وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله، وقوة من قواها لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبارة الله الواحد الأحد، وليمض الجيل المؤمن بالدعوة بكل قواها وسلامة نهجها حتى تكون كلمة الله هي العليا، وهو كذلك وسيلة من وسائل حماية الدعوة، وحماية المسلمين أنفسًا ودارًا وثروات ومنهاجًا، وهو كذلك وسيلة لدفع الدعوة في الأرض حتى تبلغ الناس كافة حين لا تنفع الحكمة والموعظة الحسنة، ولا يكفي جهاد اللسان والبيان، وحين تصد الدعوة عن غايتها، وتقفل الدروب والمسالك أمامها، وتبذل الجهود لخنقها، عندئذٍ يكون الجهاد في سبيل الله، وقد كانت الحروب وما تزال في غير العالم الإسلامي لا يُقصد بها إلا الغزو والفتك والاستعباد، كانت تقوم على رغبة أمة في قهر غيرها من الأمم، وتوسيع رقعتها على حسابها، أو لاستغلال مواردها، وحرمان أهلها منها، أو لشهوة شخصية