للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب، يقول: إنه انتظرها رجاء أن يدعى لها- قال: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- علي بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، فسار عليًّا شيئًا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ: يا رسول الله! -صلى الله عليه وآله وسلم- على ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى)).

ومع جهاده -رضي الله عنه- فقد كان من الرعيل الأول أيضًا في الدعوة إلى الله -عز وجل- فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بعث خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام، قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام، فلم يجيبوه، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بعث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يعني بعثه إلى اليمن، لماذا؟ ليكون داعية إلى الله -عز وجل-.

وأيضًا لما خرج النفر من الخوارج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- دعاهم إلى الله -عز وجل- فلما خرجت الخوارج عليه -وكانوا ثمانية آلاف من قراء الناس، ونزلوا بحروراء- ناظرهم علي، فرجع منهم أربعة آلاف فيهم عبد الله بن الكواء، وبعث علي إلى الآخرين أن يرجعوا فأبوا، فأرسل إليهم: "كونوا حيث شئتم، وبيننا وبينكم ألا تسفكوا دمًا حرامًا ولا تقطعوا سبيلًا، ولا تظلموا أحدًا، فإن فعلتُم نبذتُم إليكم الحرب".

هذه في الحقيقة دعوة جميلة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لهؤلاء النفر من الخوارج، يعاهدهم ويقول لهم بأني سأكف عن قتالكم بشرط أن لا تسفكوا دمًا حرامًا، ولا تقطعوا سبيلًا -يعني لا تفسدوا في الأرض- وخلُّوا بين الناس وبين الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- ووعدهم أنه لن يفعل -من قتال لهم- إذا التزموا بذلك، ولكن

<<  <   >  >>