للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال الشيخ أبو الوفاء درويش -رحمه الله- مبينًا أهمية هذا الأصل عند الجماعة: ومن أخص أهدافها مكافحة البدع ومحدثات الأمور التي فتن بها كثيرًا من الناس وخيل إلى بعضهم أنها تزيدهم تعبدًا لله وزلفى لدينه وصرفهم عن تدبر قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ولم يزل بهم يعدهم ويمنهم ويزيدهم في الغي والضلال؛ حتى طغت البدع على السنن، وظن سواد الأمة أن الدعوة إلى محاربتها زندقة وإلحاد، ونظروا بعين العداوة والبغضاء إلى من يدعو إلى اعتناق السنة ومجانبة البدعة.

الأصل السادس: إرشاد الناس إلى ارتباط حياتهم الدنيوية بالأخروية أوثق رباط، فالحياة الدنيا مزرعة الأخرى، ومدار ذلك على كتاب الله تعالى؛ تلاوة وفهمًا وتدبرًا وعملًا، والحذر -كل الحذر- من الشرك والكفر والمبادرة إلى الإيمان والعقيدة والتوحيد والعبادة والتخلق بما يدعو إليه القرآن من خلق، وعلى الأمة أن تستمد العبرة والذكرى منه قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ} (الشوى: من الآية: ٥٢) وقال تعالى مبينًا أثر القرآن في النفوس: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} (الأنعام: من الآية: ١٢٢) فكل قلب لم يحي بالقرآن فهو ميت؛ وكل قلب لم يَسْتَنِرْ بهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو مظلم.

وعلى ذلك، فاتخاذ القرآن حجبًا يتوهم فاعله أنها تشفي من الأمراض وتقي من العين، أو من يقتني القرآن للبركة أو من يقرؤه في جنازة الموتى، أو على قبورهم، كل ذلك ليس من غرض القرآن ولا هدفه؛ لأن القرآن الكريم دعوة وإرشاد للعمل به في الدنيا بما يرضي رب العزة والجلال؛ ليصل العبد بعد ذلك إلى الأخرى وقد عبد ربه على نور وبرهان، ولا شك أن الدنيا مزرعة الآخرة، فمن عمل فيها بغير القرآن والسنة؛ فقد خسر والعياذ بالله -تبارك وتعالى.

<<  <   >  >>