في سنة ثمانٍ وتسعين، والغرض من ذكر ذلك: أنه أيضًا كان -رحمه الله تبارك وتعالى- يطلب العلم، ويأخذ عن الشيوخ أثناء هذه الحجات، وجاور إلى سنة تسع وتسعين، وقد سافر أيضًا في هذه السنة إلى عبد الرزاق إلى اليمن، فكتب عنه هو ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه، قال الإمام أحمد حججت خمس حجج منها ثلاث راجلة، أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهمًا -رحمه الله.
وقال ابن أبي حاتم: عن أبيه عن حرملة سمعت الشافعي قال: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم علي مصر فلم يقدم، قال ابن أبي حاتم: يشبه أن تكون خفة ذات اليد منعته أن يفي بالعدة، وقد طاف أحمد بن حنبل في البلاد والآفاق، وسمع من مشايخ العصر، وكانوا يجلونه ويحترمونه في حال سماعه منهم.
قال البيهقي -رحمه الله- بعد أن ذكر جماعة من شيوخ الإمام أحمد، وقد ذكر أحمد بن حنبل في (المسند) وغيره عن الشافعي، وأخذ عنه جملة من كلامه في أنساب قريش، وأخذ عنه من الفقه ما هو مشهور.
وحين توفي أحمد وجدوا في تركته (رسالتي الشافعي الجديدة والقديمة) وهذا يدل على أن الإمام أحمد أخذ عن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- ولذلك قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تبارك وتعالى- قلت: قد أفرد ما رواه أحمد عن الشافعي، وهي أحاديث لا تبلغ عشرين حديثًا، ومن أحسن ما رويناه عن الإمام أحمد عن الشافعي عن مالك بن أنس عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه إلى جسده يوم البعث)).
وقد قال الشافعي لأحمد لما اجتمع به في الرحلة الثانية إلى بغداد سنة تسعين ومائة -وعمر أحمد إذ ذاك نيف وثلاثين سنة- قال له: يا أبا عبد الله إذا صح عندكم