للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودفع النصف الآخر لذلك الرجل، ولم يستحي أن يفعل ذلك أمام الحاضرين، وهذا من ورعه وإقباله على الله وتقشفه وتقلله من زينة الحياة الدنيا وحرصه على البر والخير والمعروف -رحمه الله تبارك وتعالى.

وحدث من يوثق به أن الشيخ كان مارًّا في بعض الأزقة، فدعا له بعض الفقراء وعرف الشيخ حاجته ولم يكن مع الشيخ ما يعطيه، فنزع ثوبًا على جلده ودفعه إليه، وقال: بعه بما تيسر وأنفقه، واعتذر إليه من كونه لم يحضر عنده شيء من النفقة، ففعل ذلك -رحمه الله- وكونه نزع ثوبًا على جلده ودفعه إليه يفيد أنه نزع شيئًا من ثيابه الداخلية ولا يمكن أن يفقه الإنسان غير ذلك وهذا في الحقيقة أيضًا دليل على ورع هذا الإمام العالم الرباني -رحمه الله تبارك وتعالى.

أنتقل بعد ذلك أيضًا إلى نقطة تالية في هذا العنصر وهي بعنوان: ثناء الأئمة عليه.

لو أردت أن أجمع وأن أستقصي ما قيل في الإمام ابن تيمية -رحمه الله- لجمعت في ذلك مجلدات كبيرة؛ فإن الذين كتبوا عن ابن تيمية كتبوا كلامًا كثيرًا عنه؛ عن شخصه، عن علمه، عن زهده، عن ورعه، عن مكانته، عن ما كان يقوم به من دعوة وجهاد وتضحية وفداء، عن سجنه وما كان فيه -رحمه الله تبارك وتعالى- ولذلك سأجتزئ في هذا المقام وأذكر بعضا مما قيل في شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تبارك وتعالى.

ومن ذلك ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" من كلام عن شيخ الإسلام -رحمه الله- قال فيه: وقرأ بنفسه ونسخ "سنن أبي داود" وحصل الأجزاء ونظر في الرجال والعلل وتفقه وتمهر وتقدم وصنف ودرس وأفتى وفاق الأقران وصار عجبًا في سرعة الاستحضار وقوة الجنان والتوسع في المنقول والمعقول والاطلاع على مذاهب السلف والخلف،

<<  <   >  >>