يسبح وإن كان سابحا؟. أراد عمر بن هبيرة «١» أبا حنيفة على القضاء فأبى، فحلف ليضربنّه بالسّياط وليسجننّه. وفعل، حتى انتفخ وجه أبي حنيفة ورأسه من الضرب، فقال: الضرب بالسياط في الدنيا أهون عليّ من مقامع الحديد في الآخرة. عن ابن عون: ضرب أبو حنيفة مرتين على القضاء، ضربه ابن هبيرة، وضربه أبو جعفر، أحضر بين يديه فدعا له بسويق «٢» وأكرهه على شربه. ثم قام فقال له: إلى أين؟ فقال: إلى حيث بعثتني. فمضى به إلى السجن فمات فيه رحمه الله تعالى. عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«من قلّد القضاء ذبح بغير سكين» . أنس، يرفعه:«القضاة جسور للناس، يمرون على ظهورهم يوم القيامة» . عرض على عبد الله بن وهب «٣» القضاء فقال: لم أكتب هذا العلم لأحشر يوم القيامة في زمرة القضاة.
عن سراج الأمّة أبي حنيفة رضي الله عنه، قال لأصحابه: أنتم مسارّ «٤» قلبي وجلاء حزني، وقد ألجمت هذا الفقه وأسرجته وتركت الناس يلتمسون ألفاظكم ويطؤون أعقابكم، فبجّلوا هذا العلم وصونوه عن ذلّ القضاء. وعنه:
لا يترك القاضي على القضاء إلا حولا حتى لا ينسى العلم. كان ببغداد رجل يتعبد، اسمه رويم «٥» ، فولي القضاء، فلقيه الجنيد «٦» فقال: من أراد أن يستودع