الصبا موصوفة بالطيّب والرّوح، لانخفاضها عن برد الشمال، وارتفاعها عن حرّ الجنوب. كان للمتوكل بيت يسميه بيت مال الشّمال، فكلما هبّت الريح شمالا تصدّق بألف درهم. وكيع: لولا الريح والذباب لأنتنت الدنيا. أبو الفتح البستي:
سبحان من خصّ الفلزّ بعزّة ... والناس مستغنون عن أجناسه
وأذلّ أنفاس الهواء، وكلّ ذي ... نفس فمفتقر إلى أنفاسه «١»
أبو بكر بن عيّاش: لا تخرج من السحاب قطرة حتى تعمل فيه الرياح الأربع:
فالصبا تهيّجه، والجنوب تدرّه، والدبور تلقحه، والشمال تفرّقه. عبد الله بن عمرو: أربع من الرياح رحمة: الناشرات والمبشرات واللواقح والذاريات، وأربع عذاب: الصرصر والعقيم في البرّ والعاصف والقاصف في البحر. وتقول العرب في أحاديثها: إنّ الجنوب قالت للشمال: إنّ لي عليك فضلا، أنا أسري وأنت لا تسرين. فقالت الشمال: الحرّة لا تسري. هبّت ريح شديدة فصاح الناس: القيامة القيامة. فقال مزبد: هذه قيامة على الريق بلا دابة ولا دجال.
عليّ رضي الله عنه: توقّوا البرد في أوّله وتلقّوه في آخره، فإنه يفعل بالأبدان كفعله بالأشجار، أوّله يحرق، وآخره يورق. يقال: الحرّ يؤذي الرجل والبرد يقتله. سئل رجل عريان عما يجد في يوم قرّ «٢» فقال: ما عليّ كثير مؤنة منه، قيل: كيف؟ فقال: دام بي العري فاعتاد بدني ما تعتاد وجوهكم. قيل لأعرابيّ: ما أعددت للبرد؟ قال: طول الرّعدة. ويقال: إن برد الربيع مونق، وبرد الخريف موبق. أبو صفوان: وضوء المؤمن في الشتاء يعدل عبادة الرهبان