وصوفها ويخصب معها رحلي، ويشبع بها أهلي. وقال الآخر: أنا أتمنى قطائع ذئاب أرسلها على غنمك حتى تأتي عليها. فقال: ويحك أهذا من حقّ الصحبة وحرمة العشرة؟ وتلاحما واشتدّت الملحمة بينهما. فرضيا بأول من يطلع عليهما حكما، فطلع عليهما شيخ على حمار بين زقّين من عسل، فحدّثاه، فنزل عن الحمار وفتح الزّقّين حتى سال العسل في التراب، ثم قال: صبّ الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين. شرد لهبنقة بعير فقال: من جاء به فله بعيران، فقيل له: أتجعل في بعير بعيرين؟ فقال: إنكم لا تجدون حلاوة الوجدان، فنسب إلى الحمق وصار مثلا فيه. ولدت دغة فصاح الولد فقالت لامرأة: أيفتح الجعر فاه «١» ؟ فقالت المرأة: نعم ويسبّ أباه. فصارت مثلا في الحمق.
بكر بن معتمر: إذا كان العقل تسعة أجزاء احتاج إلى جزء من الحمق ليقدم في الأمور، فإن العاقل أبدا متوان متوقّف متخوّف. جابر بن عبد الله، يرفعه:
«كان رجل متعبّد في صومعة فأمطرت السماء وأعشبت الأرض، ورأى حماره يرعى في ذلك العشب فقال: يا ربّ لو كان لك حمار لرعيته مع حماري. فبلغ ذلك بعض الأنبياء فهمّ أن يدعو عليه، فأوحى الله إليه أن لا تدع عليه فإني أجازي العباد على قدر عقولهم» . وهب بن منبّه: خلق ابن آدم أحمق ولولا حمقه ما هنأه عيش. قيل لأعرابيّ: يا مصاب، فقال: بل أنت أصوب مني، أي أجنّ. يقال: عقله منه على سفر.
يظنّ بأنّ الخمل في القطف نابت ... وأنّ الذي في داخل التين خردل
قيل: هو ذو بصيرة بلهاء عند تشابه النوائب، وتجربة عمياء عن تأمّل العواقب. كان يقال: مجالسة الأحمق خطر، والقيام عنه ظفر. أهل بغداد: