الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل. تحدّثوا عند الأوزاعيّ وفيهم أعرابيّ لا يتكلم، فقيل له: لم لا تتحدّث. فقال: إنّ الحظّ للمرء في أذنه، وإنّ الحظّ في لسانه لغيره. فقال الأوزاعيّ: لقد حدّثكم فأحسن. النخعيّ: كانوا يتعلّمون السكوت كما يتعلّمون الكلام.
قيل لعروة بن مالك: ألا تحدّثنا ببعض ما عندك من العلم؟ قال: أكره أن يميل قلبي باجتماعكم عندي إلى حبّ الرياسة فأخسر الدارين. وكان قتادة يقول:
لولا حبّ الحسن الرياسة لمشى على الماء. قيل للأحنف: بأيّ شيء سدت قومك؟ فقال: لو عاب الناس الماء البارد ما شربته. الربيع بن الخيثم: تفقّهوا ثم اعتزلوا وتعبّدوا. أراد الحسن الحجّ فطلب ثابت البنانيّ أن يصاحبه فقال له:
ويحك دعنا نتعايش بستر الله تعالى، إني أخاف أن نصطحب فيرى بعضنا من بعض ما نتماقت عليه. فضيل: كان يقال: من استوحش من الوحدة واستأنس بالناس لم يسلم من الرياء. شقيق بن إبراهيم: اصحب الناس كما تصحب النار، خذ منفعتها واحذر أن تحرقك. الجنيد: سمعت من السّريّ السقطيّ قال: إنّ شيخي أبا جعفر السّماك دخل عليّ يوما فرأى عندي جماعة فرجع وقال: يا سريّ صرت مناخ البطّالين. ولم يستحسن اجتماعهم. عمر رضي الله عنه: في العزلة راحة عن خلطاء السوء.
رأى سفيان بن عيينة سفيان الثوريّ في المنام فقال له: أوصني، فقال: أقلل من معرفة الناس، ثلاث مرات. عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:«أحبّ العباد إلى الله تعالى الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يقرّبوا، أولئك أئمة الهدى ومصابيح الظّلم» . مالك بن دينار قال لراهب: عظني. فقال: إن استطعت أن تجعل بينك وبين الناس سورا من حديد فافعل. قيل لسقراط: لم لا تعاشر الملوك؟ فقال: وجدت الانفراد بالخلوة، أجمع لدواعي السّلوة. قيل