بعض العلماء: السماع محرّك للقلب ومهيّج لما هو الغالب عليه.
صحب الجنيد شابّ كلّما سمع شيئا زعق فنهاه عنه، وكان بعد ذلك يضبط، فلمّا سمع يوما زعق وخرجت روحه. غنّى مغنّ بهذا البيت:
بين السيوف وعينيه مشاركة ... من أجلها قيل للأغماد أجفان
فقام رجل متواجدا وقال: أعد، فأعاد المغنّي، ثم صرخ الرجل صرخة هائلة ووقع فمات. ابن المبارك: كنت يوما في بستان وأنا شابّ وكان معي أصحابي فأكلنا وشربنا، وكنت مولعا بضرب العود، فأخذت العود في الليل لأضرب به فنطق العود وقال: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ
«١» الآية، فضربته بالأرض وكسرته وتركت الأمور الشاغلة عن الله تعالى. يقال: إذا حضر الغناء ليس إلا السكوت والاستماع للمغنّي. قيل:
حكم الغناء تسمّع وندام ... ما للحديث مع الغناء نظام
لو كان لي أمر قضيت قضية ... إن الحديث مع الغناء حرام
سأل الرشيد يوما أبا العيناء عن السماع، فقال: شرحه طويل وشروطه كثيرة، وأما الشرائط اللازمة فثلاث: أن يكون للمغنّي صباحة الخدّ ورشاقة القدّ وحلاوة المقال وحسن الفعال، وأن يكون المغنّي والمستمع قريبين ومتحاذيين،