وعنه عليه الصلاة والسّلام:«عليكم بالخضاب فإنه أهيب لعدوّكم وأعجب إلى نسائكم» . جابر رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«غيّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد» قاله لأبي قحافة والد أبي بكر لمّا أسلم يوم الفتح، وكان رأسه أبيض. أبو هريرة رضي الله عنه، رفعه:«إن اليهود والنّصارى لا يصبغون، فخالفوهم» . قالوا: الخضاب للرجل، والمرأة بالحمرة والصفرة مستحب، وبالسواد حرام، ومن فعل ذلك من الغزاة ليكون أهيب في وجه العدوّ ولا للتزيّن فغير حرام. وما روي أن عثمان والحسن والحسين خضبوا لحاهم بالسواد محمول على ذلك. عن أبي عامر الأشعريّ: رأيت أبا بكر الصديق يغيّر بالحناء والكتم «١» . وكان عمر لا يغيّر شيبه بشيء، وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من شاب شيبة في الإسلام فله نور يوم القيامة» ، فلا أحبّ أن أغيّر نوري. أبو ذرّ عنه عليه الصلاة والسلام:«إن أحسن ما غيّرتم به الشيب الحنّاء والكتم» . عليّ بن عيسى: قال لإبراهيم بن إسماعيل يوما: إن الخضاب باطنه داء، وظاهره غرور، ثم لقيه وقد اختضب فقال: أين كلامك؟ فقال: تفكّرت فإنّ أمور الدنيا كلّها مرمّة «٢» وهذا من مرمتها. ابن الروميّ:
فإن تسأليني عن خضابي فإنني ... لبست على فقد الشباب حدادا
قيل لرجل خضب لحيته وقد ابيضّت قبل أوان الشيب: ما هذا الخضاب؟
فقال: من شهد الزور يسودّ وجهه. وقيل:
إذا ذهب الشباب وليس إلا ... غبار الشيب أو ذلّ الخضاب
فليس إلى الحياة ركون حرّ ... فموت الشيخ من عين الصواب