نعيمان وترك الأعرابيّ على الباب، فلما طال قعوده قال: يا هؤلاء ردّوها عليّ إن لم تحضر قيمتها، فعلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالقصّة فوزن له الثمن، وقال لنعيمان: ما حملك على هذا؟ قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبّ العسل ورأيت الأعرابيّ معه العكّة. فضحك عليه الصلاة والسّلام، ولم يظهر له نكيرا. أبو هريرة رضي الله عنه: كان مزّاحا، وكان مروان ربما استخلفه على المدينة فيركب حمارا وقد شدّ عليه برذعة وفي رأسه شيء من الليف فيسير فيلقى الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير. سئل النخعيّ: هل كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضحكون؟ قال: نعم والإيمان في قلوبهم أمثال الجبال الرواسي. الشافعيّ رضي الله عنه:
إن كنت منبسطا سمّوك مسخرة ... أو كنت منقبضا قالوا به ثقل
وإن أصاحبهم قالوا به طمع ... وإن أجانبهم قالوا به ملل
أردشير: إن للآذان مجّة «١» ، وللقلوب ملّة، ففرّقوا بين الحكمتين بلهو.
بعض العرب: روّحوا الأذهان كما تروّحون الأبدان. كان ابن عباس يقول عند ملله من دراسة العلم: حمّضوا «٢» فيخوضون في الأخبار والأشعار.
الشعبيّ: كان مزّاحا، قيل له: ما لنا نراك نحيفا؟ وكان ضئيلا، قال: إني زوحمت في الرحم، لأنه كان أحد التّوءمين. وقال لخيّاط مرّ به: عندنا حبّ «٣» مكسور تخيطه؟ قال الخياط: إن وجد خيط من الريح. ودخل عليه يوما رجل ومعه امرأة في البيت فقال: أيّكما الشعبيّ؟ فقال الشعبيّ: هذه. الأصمعيّ:
شهرت بالأدب ونلت بالملح. أبو العيناء: سمعت الأصمعيّ يقول: النوادر