الرشيد الكسائي في بعض الطرقات، فوقف عليه فسأله عن حاله فقال: لو لم أجتن من ثمرة العلم والأدب إلّا ما وهب الله لي من وقوف أمير المؤمنين عليّ لكان كافيا. بقي أبو يوسف على باب الرشيد حولا لا يصل إليه، فوقعت واقعة وهي أن الرشيد كان يهوى جارية لزبيدة وحلفت بأن لا تبيعها ولا تهبها إياه، فأعضلت على الفقهاء «١» ، فسئل أبو يوسف فقال: يا أمير المؤمنين أفتيك وحدك أم بحضرة الفقهاء ليحصل اليقين ويزول الشك؟ فأحضروا فقال: المخرج أن تهبك نصفها وتبيعك نصفها. فصدّقوه. ثم قال: أريد أن أطأها اليوم. قال:
أعتقها فتزوّجها. ففرح وعظم أمره عنده.
المأمون: لولا الحرص لخربت الدنيا، ولولا الشهوة لانقطع النّسل، ولولا حبّ الرياسة لبطل العلم. ولما قدم الرشيد الرّقة أشرفت أمّ ولد له من قصره فرأت الغبار قد ارتفع وأسرع الناس، فقالت: ما هذا؟ قالوا: قدم من خراسان عالم يقال له ابن المبارك. قالت: هذا والله الملك لا هارون الذي لا يجمع الناس إلّا بالسّوط والخشب «٢» . نظر مزيد إلى امرأته تصعد في الدّرجة فقال:
أنت طالق إن صعدت، وطالق إن وقفت، وطالق إن نزلت. فرمت نفسها من حيث بلغت، فقال لها: فداك أبي وأمي، إن مات مالك احتاج إليك أهل المدينة في أحكامهم. وصنع عيسى عليه السّلام للحواريّين طعاما فلما أكلوا وضّأهم «٣» بنفسه، فقالوا: يا روح الله نحن أولى أن نفعله منك. قال: إنما فعلت هذا لتفعلوه بما تعلمون.