للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد «١»

وقّع جعفر البرمكيّ على ظهر رقعة فيها قصيدة: إذا كان الإكثار أبلغ كان الإيجاز تقصيرا، وإذا كان الإيجاز كافيا كان الإكثار عيّا. سئل عليّ رضي الله عنه عن اللسان فقال: معيار أطاشه الجهل وأرجحه العقل. قال عبد الملك لرجل:

حدّثني، فقال: يا أمير المؤمنين افتتح فإنّ الحديث يفتح بعضه بعضا.

عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «الشعر جدل «٢» من كلام العرب يشفى به الغيظ ويتوصّل به إلى المجالس وتقضى به الحاجة» . ضجر شعبة من إملاء الحديث فرأى أبا زيد الأنصاريّ فأنشد:

استعجمت «٣» دارميّ لا تكلّمنا ... والدار لو كلّمتنا ذات أخبار

ثم قال: إليّ أبا زيد، فجاءه فتناشدا، فقال بعض أصحابه: نقطع إليك ظهور الإبل لنسمع منك الحديث وأنت تقبل على الأشعار! فغضب شديدا وقال:

أنا أعلم بالأصلح لي. قيل لجميل: لو قرأت القرآن كان أنفع لك من الشعر، فقال: حدّثنا أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إنّ من الشعر لحكمة» . الخليل:

الشعراء أمراء الكلام يصرّفونه أنّى شاؤوا، جائز لهم فيه ما لا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده، ومن تسهيل الفظ وتعقيده، ومدّ مقصوره وقصر ممدوده، والجمع بين لغاته، والترصيف بين صلاته، واستخراج ما كلّت الألسن عن تعقّله، والأذهان عن فهمه، يبعّدون القريب ويقرّبون البعيد، يحتجّ لهم

<<  <   >  >>