وأوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه: إذا عصاني من يعرفني سلّطت عليه من لا يعرفني. هوشنك «١» : أنا رحمة للمصلحين ونقمة على المفسدين. الشعبيّ لام الحجّاج على ظلمه، فأعطى له دينارا كامل العيار وقال: بعه. فذهب إلى الصرّافين، قالوا: ناقص العيار. فجاء وحكى ما وقع فقال: اذهب إلى فلان في محلّة كذا. فذهب إليه فقال ذلك الرجل: هذا كامل العيار. فقال الشعبيّ:
أظلمك الحجّاج؟ قال: لا بل أنا في راحة من دولته ولا يترك علينا أحدا يظلم. قال مالك بن دينار: إذا غضب الله على قوم سلّط عليهم صبيانهم.
فضيل «٢» : لو كان لي دعوة مستجابة لما جعلتها إلّا في الإمام، لأنه إذا صلح الإمام أمنت العباد والبلاد. فقبّل ابن المبارك رأسه وقال: يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك؟
يقال: الملك والدين توءمان. قال عليّ رضي الله عنه: السلطان حياة الرعية وصلاح البرية. وعنه كرّم الله وجهه: قلوب الرعية خزائن راعيها، فما أودعه من عدل أو جور وجده. قال ابن السماك للرشيد: إنّ الله قد وهب لك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك ببعضها، ولم يجعل فوق قدرك قدرا فلا تجعل فوق شكرك شكرا. عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطعمهم الطيّب ويأكل الغليظ ويلبس الخشن ويعطيهم الحق ويزيدهم. وأعطى رجلا عطاء أربعة آلاف درهم وزاده ألفا فقيل له: ألا تزيد ابنك كما تزيد هذا؟ فقال: هذا ثبت أبوه يوم أحد ولم يثبت أبو هذا.