للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشكاية ويصغي إلى نداء الحق حتى لو كان همسا، وتحركه الظاهرة الاجتماعية الإيجابية إلى الوقوف بجانب أصحابها, كما يضع مصلحة مجتمعه وأفراده فوق كل اعتبار ويشبهه هنا أيضا كاتب المقال الصحفي العام، ومحرر التحقيق والحديث والخبر أو المندوب الصحفي.

- وأما الحاسة النقدية فهي تكمل الحاسة السابقة، وتحقق النتيجة المرجوة من ورائها حيث تتحول هذه المعايشة الاجتماعية -إذا صح التعبير- وتسفر عن مواقف إيجابية عديدة تمليها روح نقدية صحيحة ترى الأمور على حقيقتها، وبدون خداع أو تزييف أو تحريف أو تلوين، وتردها إلى أصولها, وتمعن النظر إليها وتدقق في تفاصيلها ومن جميع الزوايا حتى يمكنها في النهاية التوصل إلى الواقع الصادق والصورة الحقيقية, ودعمها وتأييدها والدعوة إلى انتشارها بعد فصلها عن شوائبها، واستبعاد جوانب السلب، والثغرات القائمة، والبقع العديدة وفصلها عنها وإظهارها والهجوم عليها والعمل على القضاء الكامل على أسبابها ونتائجها.

- وعن الحاسة التاريخية نقول إنها تلك التي تمكنه من أن يضع يده على حوادث التاريخ ووقائعه القديمة أو الوسيطة، المشابهة لموقف يتناوله, فيقنص من بين صفحات التاريخ ويتصيد أيضا الفكرة الصادقة التي تقدم أكثر من دليل مادي يفيد عمله، كما تمكنه كذلك من ربط الماضي بالحاضر، والقيام بمحاولات توقع ما يمكن أن يحدث على طريق المستقبل, وذلك فضلا عن تمكنه من إعادة تصوير بعض المشاهد الماضية بمنظور جديد، وبفكر جديد أيضا يكشف عن حقائق كانت خافية بشأنها, ويعيدها إلى الأذهان بما تحمله من دلالات وعبر, كما أن "التفسير التاريخي" للأحداث الحالية والذي يتحقق بالعودة بها إلى منابعها الحقيقية وأصولها التاريخية، أو بمقارنتها بأحداث مشابهة جرت في الماضي هو تفسير قائم وله مؤيدوه, ويستطيع أن يقوم به الكاتب الصحفي الذي يملك هذا الحس, وبالإضافة إلى ذلك كله فإن هذه الحاسة تمكنه من اختيار المادة المناسبة التي تدعم مقاله, وترفع من قدره وتمده بكم ثقافي معترف به ومحبب وجذاب ومشوق, فضلا عما يمكن أن يقدمه للأجيال الحالية والقادمة من مادة مفيدة.

- والحاسة السياسية: تفيده في تفهم التيارات الحالية الموجودة على السطح، أو تحت السطح أيضا وتوضح له أهمية ما يمكن أن يتناوله أو يتناوله فعلا في المنطور

<<  <   >  >>