- الحرية الفردية: التي تشد أزر الأفراد وتجعلهم ينطلقون في مجالات العمل والإنتاج والبحث والاختراع والسياسة استنادا إلى إيمان السلطات بروح الفرد وكرامته وإدراكها لمكانته في المجتمع, واقتناعها الكامل بحقه في اتخاذ ما يراه صالحا له ولمجتمعه, وما يترتب على ذلك من حريته في الحركة والتعبير عن مصالحه.
- الحرية الصحفية: تلك التي يكون من أهم مظاهرها حرية الأفراد والأحزاب والمؤسسات في إصدار الصحف دون اعتراض من جانب السلطات، وحرية الكاتب في كتابة ما يريد من أفكار وطرح ما يشاء من آراء دون رقابة قبلية أو بعدية، وأن يكون ذلك حق لجميع الكتاب في الوطن الواحد الذي يستظلون بظله، أو -في أسلوب آخر- أنها حرية "جميع الصحفيين" دون تفضيل أو تمييز لكاتب على آخر بسبب انتمائه أو اتجاهه، كما أنها ليست بالطبع حرية رؤساء التحرير فقط، أو قادة التحرير دون غيرهم, كما يعني ذلك -عندنا- ألا يضار كاتب بسبب رأيه أو وجهة نظرة طالما أن الجميع يعملون بروح من الولاء للوطن والصالح العام وبدافع الرغبة في الإصلاح والتقدم والرفاهية المنشودة لشعب من الشعوب.
إن توفير هذا "المناخ الديمقراطي" يعني -بالضرورة- توافر "البيئة المقالية" الصالحة حيث يمكن للفكر المقالي الصحفي أن ينطلق بغير خوف أو قلق أو تردد، وبغير تهديد أو إرهاب، ومن هنا ومن خلال تلاحم هذا "الثلاثي الحر" أو "ثلاثي الحرية" يمكن أن تنطلق الأقلام، وأن تبرز المواهب الكتابية، وأن تنمو الملكات القادرة على الرؤية الصحيحة والصادقة والدقيقة لمشكلات المجتمع ولجوانب الصورة المختلفة، ومن كافة الزوايا والأبعاد.
إنها تلك البيئة التي لا تكتم أنفاس الكاتب، ولا تعمل على إخمادها أو تحاول بوسائلها المتعددة أن تخنق رأيه أو تغتال فكره, وبدلا من ذلك وكأسلوب واع بأهمية الصحافة عامة، والمقالات خاصة، وبطريقة "حضارية" و"ذكية" ومشرفة أيضا تمهد له السبيل إلى معرفة الحقائق والوقائع, وتقدم له المعلومات الصادقة والكاملة والدقيقة حتى يمكنه -وهو قادر على ذلك- أن يرى الحق حقا والصدق صدقا والباطل باطل والإثم إثما, وحيث يكون ذلك في صالح الديمقراطية نفسها, بل يكون في هذه الأقلام وفي هذا "الواقع المقالي الحر" الذي يسند فيه الكاتب ظهره إلى جدار الحرية القوي الصلد، يكون فيها تأييدا إيجابيا وفعالا للنظام نفسه، وحماية له ذاته