للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يهمك حقا هو أنني جئتك منذرا بغزوة تقلب نعاسكم يقظة، وغفلتكم صحوة وحرصا.

- السلطان: لم أفهم عنك شيئا.

- الشبح: سل عراف المعبد في الجزيرة ينبئك الخبر اليقين.

واختفى الشبح، فجزع السلطان لاختفائه كما جزع لظهوره، ولما أصبح الصباح، أرسل في لهفة مرتاعة يطلب من عراف المعبد أن يمثل بين يديه، ولكن -يا هول ما يسمع وما يرى- فقد عاد إليه رسوله، لينبئه بأن العراف يصر على بقائه في معبده وعلى السلطان أن يذهب إليه إذا كانت به حاجة، فلم يجد السلطان بدا من أن يقصد متخفيا إلى المعبد، وكيف كان ليعلن عن نفسه أمام شعب الجزيرة، الذي لم يعهد قط في سلطانه إلا أن يبقى حصينا في برجه، وعلى كل من أمر السلطان بمثوله بين يديه أن يصدع بالأمر بمن فيهم عراف المعبد؟

قصد السلطان متخفيا إلى عراف المعبد وهو في صومعته ودار بينهما حديث:

- السلطان: جئتك لأقص عليك نبأ عجيبا.

- العراف: أعرف كل شيء، فقد فأجأك الشبح ليلة أمس.

- السلطان: ومن أدراك؟

العراف: أنسيت جلالتكم أنني العراف؟

السلطان: قل لي أيها القديس، ماذا يكون ذلك الشبح المخيف؟

- العراف إنه ليس مخيفا.

- السلطان: إنك إذا رأيته وسمعته، فقد رأيت وحشا نبتت في رأسه قرون الشياطين، وله في يديه وقدميه مخالف الذئاب وصوته ذو بحة كفحيح الأفاعي، أتوسل إليك أن تنبئني من يكون؟ وماذا يعني نذيره لنا؟

- العراف: هون على نفسك الأمر يا صاحب الجلالة، فهو آت من بلد بعيد، جنسه ليس جنسنا، وعقله لا يشبه عقولنا، وقد أطلقوا عليه اسم "الغزو الثقافي" وحق لهم أن يفعلوا؛ لأنه يكتسح ويغزو، لا بالدبابة والمدفع، ولكن بما يملكه من فكر وفن.

- السلطان: اللهم احفظنا من كل سوء.. وكيف جاء إلينا، والبحر يحيط بنا والسماء فوق رءوسنا؟

<<  <   >  >>