فوق أمواجه ظلال للمجانين والعشاق والشعراء, وكل مشهد جميل يبدو في أفق الشروق والغروب عندما يلامس أمواجه، ضياع "مؤكد" لمواقع أقدام كثيرة، تمشي على الأرض!
أكاد أسأل البحر، هل حقا كانت البشرية أيام الفراعنة والرومان والإغريق، أكثر تبديدا لحياة الإنسان من البشرية في عالمها المعاصر؟
وكيف لأمواج البحر أن تجيب على أسئلة زائر، يهاجر إليها مرة كل عام، "هاربا" بأحلامه إلى حيث لا يتغير شيء في البحر منذ الأزل؟
وهل يستطيع إنسان أن ينجو من قلق التساؤل, ما عاش غارقا في مشاغل كل يوم, وغارقا في الأحلام التي تعدل عنده كل شيء؟
عيب أي "كائن" أنه يعيش بقلبه.
والقلب قد لا يرى البحر مساحة من الماء واضطرابا في الموج.
وإنما يراه "فيلسوفا" يشهد أمور الدنيا، ويرد عليها بوشوشة المياه في لحظة الهدوء، وصخب الموج في لحظة الاضطراب, وأما هموم الإنسان، فأقل عنده، من الرذاذ الطائر فوق الأمواج، وأضعف عنده من حبات الرمل؛ لأنها في النهاية هي التي أضاعت منذ البداية عمر الإنسان، كما يضيع المقامر أغلى ما يملك على مائدة القمار.
"الحق" في القراءة
لمن؟.. ولماذا؟
أصدرت إنجلترا قانون تعميم التعليم منذ أكثر من مائة وخمسين سنة, وخصصت الميزانيات الكبيرة للقضاء على الأمية، في تلك الجزر التي كانت ذات يوم هي "المصنع الأول" في العالم و"البنك" الأول, والعاصمة التي لا تغيب الشمس عن نفوذها.
وبعد مائة وخمسين سنة من صدور ذلك التشريع اكتشفوا أن هناك "مليونين" يسكنون أنحاء بريطانيا، ولا يعرفون القراءة والكتابة.
ولم يدق الإنجليز بأيديهم على صدورهم، ولم يتمزقوا "حزنا" عصبيا, وإما "عاملوا" هذه الحقيقة بعقل ومنطق.
أخذت الهيئات المشتغلة بالتعليم تنبه الأذهان إلى "وجود" هذا" العيب الذي لا يجوز.