ونقل الوزير المختص مبلغ مليون جنيه من إعانات الحكومة للتعليم العالي، وخصصه لمحو أمية هؤلاء الذين فاتهم التعليم وأصبحوا "كبارا" يشتغلون في الصناعة والتجارة والزراعة ولا يعرفون كيف يكتبون كلمة واحدة.
وصدرت "مطبوعات" مثيرة للانتباه حول ما حدث هناك, ومنها أوراق، تحمل عنوان "الحق في القراءة".
ولكن حق من؟ ولماذا؟
إنه حق "الكبار" وليس حق الأطفال والشباب
حق الذين يعطون أعمارهم الآن للإنتاج وليس حق الذين سيعملون بعد عشر سنوات، أو عشرين سنة.
أن "الحاضر" أهم من المستقبل.
هكذا قالوا في كلامهم المطبوع وفي سلوكهم بإزاء هذه المشكلة.
وينقلني هذا الحديث إلى حيث نقف نحن ونعيش.
في كل صيف تقوم الدنيا، وتنشط الصحف ووسائل الإعلام، ونصاب بحمى الحديث عن القبول في الجامعات.
ويا للبشرى العظيمة، التي يدلي بها بعض المسئولين، عندما يقولون لنا إن عدد الناجحين في الشهادة الثانوية قد زاد على العدد الذي أتم تلك المرحلة في الموسم الماضي.
ولم أقرأ -على مدار شهور- حديثا جادا عن تعليم "الكبار" أولئك الذين يشتغلون بالفعل، في ميادين العمل المختلفة، ويشاركون في زيادة نسبة الإنتاج!
وإني لأتساءل:
- ما هو نوع الاهتمام الذي نمنحه لتعليم هؤلاء المنتجين الأميين وما هي درجة إلحاح مشكلتهم علينا؟ وما هو نوع الأولوية التي أعطيناها في سياسة التعليم للارتقاء بكفاءة الملايين المشتركة بالجهد والواقع في توفير أسباب الحياة لنا؟.
إني أتساءل؛ لأنني "واحد" من الذين داروا ويدورون حول الاهتمام الزائد عن الحد، بتعليم أجيال المستقبل، بينما يتراجع إلى الوراء الاهتمام الواجب حقا، بتعليم أجيال الحاضر, ونعني بهم أولئك الكبار الذين ولدوا وعاشوا، محرومين من فرصة فك رموز اللغة, والذين نضع على أكتافهم مسئولية إنجاح مشروعات التنمية, والإنتاج