للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سطوره وكلماته ويضع النقط على الحروف بشأنه، وهكذا من أول المقال إلى آخره. والذي سوف يكون في هذه الحالة مركبا من فقرتين: الأولى تمثل البداية أو التمهيد -وهي موجودة في جميع أنواع هذه المقالات- والثانية هي الأكثر طولا، والتي تستغرق المساحة المتاحة كلها ومضمونها هنا هو الشرح والتفسير.

ب- وأما المقال النزالي: فهو يتكون كذلك من فقرتين أساسيتين: الأولى التمهيدية ولكنها هنا تكون أكثر طولا منها في المقالة السابقة، لماذا؟ لأنها في الواقع تتكون من الفقرة الأولى التقليدية مضافا إليها سطورا تركز على ضرورة الرد وأهمية "النزال"، وتمهد له، ثم الفقرة الثانية، فقرة النزال نفسه، وحيث تفنيد الرأي وكشفه وتعريته ومقارعة الحجة بالحجة، في لغة يغلب عليها طابع السخونة والعنف في أكثر الأحوال وفي ذلك يقول أحد المؤلفين: "في هذا المقال نجد نزالا وصراعا وقتالا وطعنا وصدا لهذا الطعن، وفي العادة يكون المقال شديد اللهجة عنيفا إلى أقصى حدود العنف، ويطلق الفرنسيون على النقد النزالي مقال المبارزة، وإذن فلا بد من مهاجمة كاتب آخر في هذا اللون من المقال"١، على أننا لسنا مع المؤلف نفسه أو مع غيره من الكتاب الذين يتبعون ما يشير إليه قائلا: "وكثيرا ما يذهب المقال النزالي إلى السباب، ومن حق الكاتب المنازل أن يهزأ من الشخص الذي ينازله وأن يسخر من أفكاره وأن يهزه هزا عنيفا يفقده شخصيته بين الناس ولكن بدون هلهلة أي: بدون بذاءات"٢. أقول لسنا معه؛ لأن للنزال أصوله وقواعده التي تحكمها التقاليد الصحفية، ومبادئ الزمالة والشرف والأخلاقيات، فضلا عن أن المقالات الافتتاحية تركز على الآراء والأفكار والمواقف والقضايا، وليس الأشخاص، كما أنه لا خصومة بين كاتبها -الممثل للصحيفة- وبين كاتب المقال الذي ينازل، أو من المفروض أن يكون ذلك هو الأصل، ثم أية هلهلة للكاتب أكثر من تلك التي تهزه هزا عنيفا يفقده شخصيته بين الناس؟ إن ذلك كله يذهب بالموضوعية أدراج الرياح فضلا عن أن اختلاف الرأي لا يعني هز الآخرين بعنف والعمل على إضعاف شخصياتهم، تماما كما أنه لا يفسد للود قضية.

وعموما فإن للنزال أسلحته عن طريق تقديم التجارب المماثلة والشواهد العديدة والاستدلالات المنطقية ومحاولة الإقناع عن طريق المناقشة الواعية التي تصل إلى


١, ٢ حسنين عبد القادر: "الصحافة كمصدر للتاريخ" ص١٥٩-١٦٠.

<<  <   >  >>