للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باتِّباع السُّنَّة، وغَضَّ بصرَهُ عن المحارم، وعوَّد نفسه أكلَ الحلال، لم تُخطئ له فِرَاسة (١).

فالله سبحانه هو الذي يخلق الرُّعبَ والظُّلمة في قلوب الكافرين، والنُّورَ والبُرهانَ في قلوب المتَّقين. ولهذا ذَكَرَ الله أيةَ النور عقيب غَضِّ البصر وكَفِّ النفس عن المحارم.

وكذلك إِذا كان العبدُ صَدوق اللسان؛ كان أقوى له وأتَمَّ على معرفة الأكاذيب والموضوعات، فإِنَّ الجزاءَ مِنْ جنس العمل.

فيُثيبُ اللهُ الصادق حلاوة الصِّدق، ويَجِدُ للكذب مَضَاضةً ومرارة يَنْبُو عنها سمعُه، ولا يقبلها عقلُه.

ولما قَدِمَ وَفْدُ هوازن على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسلمين، وسألوه أن يَرُدَّ عليهم سَبْيَهم ومالَهم، قال لهم: «أَحَبُّ الحديثِ إِليَّ أصدقُه» (٢).

ولهذا كان كعبُ بن مالك بعد أنْ عَمِيَ إِذا تكلَّم الرَّجُلُ بين يديه بالكذب؛ يقول له: اسْكُتْ؛ إِنِّي لأجدُ مِنْ فيكَ رائحةَ الكذبِ. وإِذا سَمِعَ حديثاً مكذوباً عَرَفَ كذِبَه. وذلك أَنَّه أجمعَ الصِّدق لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا قَدِمَ مِنْ غزوة تبوك، وأنزل الله


(١) مشايخ الصوفية. مات قبل الثلاث مئة.
انظر: «طبقات الصوفية» للسُّلمي ص (١٩٢)، «حلية الأولياء» (١٠/ ٢٣٧).
() رواه أبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٣٧).
(٢) رواه البخاري (٢٣٠٧، ٢٣٠٨).

<<  <   >  >>