للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضاً: فإِنَّ الله فَطَرَ عبادَه على الحقِّ، فإِذا لم تستحل (١) الفِطرة؛ شاهدت الأشياء على ما هي عليه، فأنكرتْ منكرَها، وعرفتْ معروفها. قال عُمرُ: الحقُّ أبلجُ، لا يخفى على فَطِنٍ.

فإِذا كانت الفِطْرَةُ مستقيمةً على الحقيقة، منوَّرة بنور القرآن، تجلَّت لها الأشياءُ على ما هي عليه في تلك المرايا الصقيلة (٢)، وانتفت (٣) عنها ظُلمات الجهالات، فرأت الأمورَ عِياناً مع غيبها عن غيرها.

وفي «السُّنَنِ» و «المُسند» وغيرِه عن النَّوَّاس بن سَمْعَان، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ضَرَبَ اللهُ مثلاً صِراطاً مُستقيماً، وعلى جَنْبَتَي الصِّراط سُورانِ، وفي السُّورين أبوابٌ مُفتَّحةٌ، وعلى الأبوابِ سُتورٌ مُرْخاةٌ، ودَاعٍ يدعو على رأسِ الصِّراطِ، ودَاعٍ يدعو مِنْ فوقِ [الصِّراطِ] (٤)، فالصِّراطُ المستقيمُ هو الإِسلامُ، والسُّتورُ المُرْخَاةُ حُدودُ اللهِ، والأبوابُ المُفتَّحةُ مَحَارِمُ اللهِ، فإِذا أراد العبدُ أنْ يفتحَ باباً من تِلكَ الأبوابِ ناداه المُنادي: يا عبدَ اللهِ، لا تفتَحْهُ، فإِنَّك إِنْ تفتَحْهُ تَلِجْهُ، والدَّاعي على رأس الصِّراطِ كتابُ اللهِ، والدَّاعي فوقَ الصِّراطِ واعظُ اللهِ في قلبِ كُلِّ مؤمن» (٥).


(١) في الأصل: «تستحيل» والمثبت من (ك).
(٢) «الصقيلة» مكانها بياض في الأصل، في حين أُلحقت في هامش (ك) وظهر منها: (الصـ قـ لـ) ولعل المراد ما أثبته.
(٣) في الأصل و (ك): انتقفت.
(٤) زيادة من «المسند» للإِمام أحمد.
(٥) رواه الإِمام أحمد (٤/ ١٨٢)، والطبري في «تفسيره» (١/ ٧٥) ط/ البابي الحلبي - (الفاتحة: ٦)، والطحاوي في «بيان المشكل» ٥/ (٢١٤١)، =

<<  <   >  >>