للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وُرُودِ الشُّبُهَات، وبَصَرٌ نافذٌ عند وُرُودِ الشَّهوات؟

قال بعضُ السَّلف: إِنَّ العبدَ ليَهُمُّ بالكذب، فأعرفُ مُراده قبل أنْ يتكلَّم. وقد قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: ٣٠]. وقد كان عُمر بن الخطَّاب له حَظٌّ مِنْ ذلك، كقصَّته مع سَوَاد بن قَارب (١) وغيره.

فإِنَّ القلبَ الصافي له شعورٌ بالزَّيغ والانحراف في الأقوال والأعمال. فإِذا سَمِعَ الحديثَ؛ عَرَفَ مخرجَه مِنْ أين، وإِنْ لم يتكلَّم فيه الحفاظ وأهلُ النَّقْد.

فمَنْ كانت أعمالُه خالصةً لله، موافقةً للسُنَّة، مَيَّزَ بين الأشياء؛ كذِبِها وصِدْقِها، بشواهدَ تظهر له على صفحات الوجوه وفَلَتات الألسِنَة.

قال شاهُ الكرماني (٢): مَنْ عَمَرَ باطنَهُ بدوام المُراقبة، وظاهرَهُ


(١) فيما رواه ابن جرير الطبري (٢٩/ ١٥٦) ط/ البابي الحلبي (المدثر: ١٨ - ٢٥).
قال البيهقي عن هذ الأوجه المرسلة: وكل ذلك يؤكد بعضه بعضاً.
ثم رواه البيهقي من طريق ابن إِسحاق، حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس به.
ومحمد بن أبي محمد هذا؛ قال الذهبي في «الميزان»: لا يُعرف.
() رواه البخاري (٣٨٦٦) عن عبد الله بن عمر قال: بينما عُمر جالس إِذْ مَرَّ به رجل جميل، فقال عُمر: لقد أخطأ ظني، أو إِنْ هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم .. الحديث.
قال الحافظ: هذا الرجل هو سواد بن قارب «الفتح» ٧/ ١٧٩.
وقد بسط الحافظ ابن حجر طرق قصة سواد بن قارب في «الإصابة» (٣/ ٢١٩) ط/ دار النهضة.
(٢) هو أبو الفوارس، شاه بن شجاع الكرماني. يقال: إِنْ أصله من مَرو. من =

<<  <   >  >>