للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإِسلام أبو العبَّاس ابن تيمية: القلبُ المعمور بالتقوى؛ إِذا رجَّح بمجرد دِراية (١) فهو ترجيح شرعي. قال: فمتى ما وقَعَ عنده، وحصل في قلبه ما يظَنُّ معه أَنَّ هذا الأمرَ، أو هذا الكلام أرضى لله ورسوله؛ كان هذا ترجيحاً بدليل شرعي.

والذين أنكروا كون الإِلهام ليس طريقاً إِلى الحقائق مطلقاً أخطؤوا. فإِذا اجتهد العبدُ في طاعة الله وتقواه، كان ترجيحُه لما رَجَّحَ أقوى مِنْ أدلَّةٍ كثيرةٍ ضعيفةٍ، فإِلهامُ مثل هذا دليلٌ في حَقِّه، وهو أقوى مِنْ كثير من الأقيسةِ الضَّعيفةِ والموهومة، والظَّواهر والاستصحاباتِ الكثيرة التي يَحتجُّ بها كثيرٌ مِنْ الخائضين في المذاهب والخِلاف وأصول الفقه.

وقد قال عُمر بن الخطَّاب: اقتربُوا من أفواه المطيعين، واسمعوا منهم ما يقولون، فإِنهم تتجلَّى لهم أمورٌ صادقة.

وحديث مكحول المرفوع: «ما أخلص عبدٌ العبادةَ للهِ تعالى أربعينَ يوماً؛ إِلا أجرى اللهُ الحِكمةَ على قلبِهِ، وأنطقَ بها لِسانَهُ» (٢).


(١) «دراية» في ك: «رأيه».
(٢) رواه الحسين المروزي في «زوائد الزهد» لابن المبارك (١٠١٤)، وهناد بن السري في «الزهد» له (٦٩٠)، وأبو بكر بن أبي شيبة في «مصنفه» (١٣/ ٢٣١)، وأبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٧٠) عن أبي معاوية وأبي خالد الأحمر، عن حجاج، عن مكحول به.
حجاج هو ابن أرطاة: يخطئ ويدلس. ومكحول تابعي وقد أرسله. وروي عن مكحول مسنداً متصلاً.
رواه أبو نعيم في «الحلية» (٥/ ١٨٩)، ومن طريقه ابن الجوزي في =

<<  <   >  >>