للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كافر، يقرؤه كُلُّ مؤمن، قارئٍ وغيرِ قارئ» (١). فدلَّ على أَنَّ المؤمنَ يتبيَّن له ما لا يتبيَّنُ لغيره. ولا سيَّما في الفِتن، وينكشفُ له حالُ الكذَّاب الوضَّاع على الله ورسولِه. فإِنَّ الدَّجَّال أكذبُ خَلْقِ اللهِ؛ مع أَنَّ الله يُجْرِي على يديه أموراً هائلةً، ومخاريقَ مزلزلةً، حتى إِنَّ مَنْ رآه افتُتِنَ به، فيكشِفُها اللهُ للمؤمن حتى يعتقد كَذِبَها وبُطلانها.

وكلما قَوِيَ الإِيمانُ في القلب؛ قَوِيَ انكشافُ الأمورِ له وعرفَ حقائقَها من بواطلها. وكلما ضَعُفَ الإِيمانُ ضَعُفَ الكشفُ. وذلك مثل السِّراج القوي والسِّراج الضَّعيف في البيت المُظلم، ولهذا قال بعضُ السَّلفِ في قوله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} [النور: ٣٥] قال: هو المؤمنُ ينطقُ بالحِكمة المطابقةِ للحقِّ، وإِنْ لم يسمع فيها بالأثر. فإِذا سَمِعَ فيها بالأثر؛ كان نوراً على نور. فالإِيمانُ الذي في قلب المؤمن يطابق نور القرآن. فالإِلهام القلبي تارة يكون مِنْ جِنْسِ القولِ والعِلم والظَّنِّ؛ أَنَّ هذا القولَ كَذِبٌ، وأَنَّ هذا العملَ باطلٌ، أو هذا أرجح مِنْ هذا وأصوب.

وفي «الصَّحيح» عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «قد كان في الأمم قبلكم مُحَدَّثُونَ، فإِنْ يكن في أُمَّتي منهم أحدٌ فعُمَرُ» (٢).


(١) رواه البخاري (١١٣١) من حديث أنس بن مالك؛ دون قوله: «يقرؤه كل مؤمن؛ قارئ.».
ورواه مسلم (٢٩٣٤) من حديث حذيفة؛ إِلا أنه قال: «كاتب وغير كاتب». مكان: «قارئ وغير قارئ».
(٢) رواه البخاري (٣٦٨٩) من حديث أبي هريرة. ورواه مسلم (٢٣٩٨) من حديث عائشة.

<<  <   >  >>