للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مطابقة مع اعتقاد. وقال الراغب١: والصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا، وعدا كان أو غيره. والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا، بل إما أن لا يوصف بالصدق، وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظيرين مختلفين كقول الكافر من غير اعتقاد "محمد رسول الله" فإن هذا يصح أن يقال صدق لكون المخبر عنه كذلك، وأن يقال كذب لمخالفة قوله لضميره، وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحصل في الاعتقاد نحو صدق ظني. وكذب، وفي أعمال الجوارح ك صدق في القتال إذا وفى حقه وفعل فيه ما يجب وكذب فيه إذا كان بخلاف ذلك.

والصدق في اصطلاح أهل الحقيقة: قول الحق في مواطن الهلاك، وقيل هو أن تصدق في مكان لا ينجيك فيه إلا الكذب. وقال القشيري٢: الصدق أن لا يكون في أحوالك شوب ولا في اعتقادك ريب ولا في أعمالك عيب. وقيل هو ترك الملاحظة ودوام المحافظة، وقيل استواء السر والجهر.

الصديق: من لم يكذب قط، أو من كثر منه الصدق، أو من صدق قوله اعتقاده، وحقق صدقه فعله، أو الذي لم يدع شيئا مما يظهره باللسان إلا حققه بقلبه وعمله.

الصدقة: الفعلة التي يبدو بها صدق الإيمان بالغيب من حيث إن الرزق غيب، ذكره الحرالي. وقال ابن الكمال٣: العطية يبتغى بها المثوبة من الله وقال الراغب٤: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل تقال للمتطوع، والزكاة للواجب. ويقال لما يسامح به الإنسان من حقه تصدق به نحو قوله {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} ٥، وقوله {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ٦، فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة، ومنه قوله {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} ٧، فسمى إعفاءه صدقة. وقوله في الحديث "ما أكلته العافية صدقة" ٨.

الصديد: ما حال بين اللحم والجلد من قيح ودم وضرب مثلا لمطعم أهل النار.


١ المفردات، ص٢٧٧.
٢ الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، صاحب الرسالة القشيرية في التصوف، المتوفى سنة ٤٦٥هـ.
٣ التعريفات، ص١٣٨.
٤ المفردات، ص٢٧٨.
٥ المائدة ٤٥.
٦ البقرة ٢٨٠.
٧ النساء ٩٢.
٨ في لفظ آخر "أكلت العافية منها فله منها صدقة، فله به أجر". أخرجه الدارمي في سننه، باب البيوع، ٦٥، وأحمد في مسنده ٣/ ٣١٣ و٣٢٧.

<<  <   >  >>