للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَبَايَعُوا*. وَقَالُوا: إِنَّا قد تركنَا١ قَومنَا، بَيْننَا وَبينهمْ حروب، فننصرف وندعوهم إِلَى مَا دَعوتنَا إِلَيْهِ، فَعَسَى اللَّه أَن يجمعهُمْ بك، فَإِن اجْتمعت كلمتهم عَلَيْك واتبعوك، فَلَا أحد أعز مِنْك. وَانْصَرفُوا إِلَى الْمَدِينَة، فدعوا إِلَى الْإِسْلَام، حَتَّى فَشَا فيهم، وَلم تبْق دَار من دور الْأَنْصَار إِلَّا وفيهَا ذكر من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الْعقبَة الثَّانِيَة ٢

حَتَّى إِذا كَانَ الْعَام الْمقبل قدم مَكَّة من الْأَنْصَار اثْنَا عشر رجلا، مِنْهُم خَمْسَة من السِّتَّة الَّذين ذكرنَا وهم أَبُو أُمَامَة، وعَوْف بْن عفراء، وَرَافِع بْن مَالك، وَقُطْبَة بْن عَامر بْن حَدِيدَة وَعقبَة بْن عمر بْن نابي. وَلم يكن فيهم جَابر بْن عَبْد اللَّهِ بْن رِئَاب، وَلم يحضرها٣.

والسبعة الَّذين هم تَتِمَّة الاثْنَي عشر هم: معَاذ بْن الْحَارِث بْن رِفَاعَة وَهُوَ ابْن عفراء أَخُو عَوْف الْمَذْكُور، وذكوان بْن عَبْد قيس الزرقي وَذكروا أَنه رَحل إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّة فسكنها مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَهُوَ مهَاجر أَنْصَارِي قتل يَوْم أحد، وَعبادَة بْن الصَّامِت بْن قيس بْن أَصْرَم، وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن يزِيد بْن ثَعْلَبَة البلوي حَلِيف بني غصينة من بلي، وَالْعَبَّاس بْن عبَادَة بْن نَضْلَة. فَهَؤُلَاءِ من الْخَزْرَج، وَمن الْأَوْس رجلَانِ:


* وَكَانَت الْحِكْمَة الإلهية فِي نقل الْيَهُود من كنعان وَالشَّام إِلَى الْحجاز، هَذَا فِي الزَّمَان الأول، هُوَ أَنهم قروا إِلَى الْعَرَب ورسخوا فِي أذهانهم الْوَعْد برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله سُبْحَانَهُ: {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ} . وَذَلِكَ من جنس أَن الله يُؤَيّد هَذَا الدَّين بِالرجلِ الْفَاجِر. وَنقل فِي سَبَب انتقالهم أَن بخْتنصر لما اجتاحهم وشتتهم فِي الْبِلَاد هربت طَائِفَة إِلَى الْحجاز، فهم هَؤُلَاءِ. وَقيل: إِنَّمَا استقروا بالحجاز فِي زمن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ أَمرهم بِقِتَال العماليق وَأَن لَا يبقوا مِنْهُم أحدا، فأبقوا ابْن الْملك حنوا عَلَيْهِ، فطردهم مُوسَى من الشَّام، فعادوا إِلَى بِلَاد العماليق، وَكَانَت العماليق حِينَئِذٍ بالحجاز، فسكنوه حِينَئِذٍ، وَالله أعلم. عَاد الْكَلَام إِلَى أهل الْعقبَة.
١ عبارَة ابْن هِشَام نقلا عَن ابْن إِسْحَاق: وَقَالُوا إِنَّا قد تركنَا قَومنَا، وَلَا قوم بَينهم من الْعَدَاوَة وَالشَّر مَا بَينهم، فَعَسَى أَن يجمعهُمْ الله بك، فسنقدم عَلَيْهِم، فندعوهم إِلَى أَمرك، ونعرض عَلَيْهِم الَّذِي أجبناك إِلَيْهِ من هَذَا الدَّين، فَإِن يجمعهُمْ الله عَلَيْك فَلَا رجل أعز مِنْك.
٢ انْظُر فِي الْعقبَة الثَّانِيَة ابْن هِشَام ٢/ ٧٣ وَقد سَمَّاهَا الْعقبَة الأولى كَأَنَّهُ لم يعْتد بسابقتها. وَانْظُر أَيْضا ابْن سعد ج١ ق١ ص١٤٧ والطبري ٢/ ٣٥٥ وَمَا بعْدهَا وصحيح البُخَارِيّ ١/ ٨، ٥/ ٥٤ وَابْن حزم ص٧١ وَابْن كثير ٣/ ١٥٠ وَابْن سيد النَّاس ١/ ١٥٦ والنويري ١٦/ ٣١٢.
٣ وَلم يحضرها: أَي لم يحضر الْعقبَة الثَّانِيَة.

<<  <   >  >>