ولقد توسّعت دائرة الحسبة في الإسلام، فلم تقتصر على العبادات فقط، بل اشتملت كلّ أوجه النشاط الاجتماعي. وقام المحتسِب بإذنٍ وتكليف من وليّ الأمر بمراقبة الأسواق، ومنْع الغشّ في المعاملات، والتلاعب في الموازين والأسعار، ومنع الاحتكار. ولقد كان نظام المُحتسِب وجهاً حضارياً عبر تاريخ الإسلام، وقد شرُف بمباشرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له.
فقد مرّ -صلى الله عليه وسلم- بالسوق على صُبرة طعام، فوضع -صلى الله عليه وسلم- يده في الإناء، فأصابت يدُه بلَلاً، فقال:((ما هذا، يا صاحب الطعام؟)). فقال الرجل: لقد أصابته السماء -أي: نزل عليه المطر-. فقال -صلى الله عليه وسلم- ((هلاّ وضَعْتَه في أعلى كي يراه الناس؟ مَن غشّنا فليس منا)).
الفرْق بين المُتطوِّع والمُحتسِب في الدّعوة إلى الله:
لقد وضع الفقهاء فروقاً بين المُتطوِّع في الدّعوة إلى الله والمُحتسِب المُعيَّن مِن قِبَل ولِيِّ الأمر، ومن هذه الفروق ما يلي:
١ - الدّعوة إلى الله فرْض عيْن على المُحتسِب، وفرْض كفاية على غيره.
٢ - إن قيام المحتسِب به من حقوق تصرّفه لا يجوز أن يتشاغل عنها -أي: بعمل آخَر يَصرفه عن عمله الأصلي وهو: الدعوة-. وقيام المتطوِّع به من نوافل عملِه الذي لا يجوز أن يتشاغل عنه لغيره -أي: لا يَصرفه التّطوّع بالدعوة إلى الله عن عمله الأصلي الذي يسترزق منه ويعيش على موارده-.