للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّةُ خردل))، رواه مسلم.

بهذا البيان النبوي المُعجز والمُبهر، يوجِّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأمّة إلى مكامن الداء وموضع المرض الذي يكمن في:

١ - قول بلا عمل.

٢ - فعْل ما لا يؤمرون به.

ثم بيّن -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدواء لِعِلَل المجتمعات وأمراضها، يكون ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم وضع ضوابطه ودرجاته ومراتبه ليتمّ ذلك كما أمر الله تعالى في قوله -عز وجل-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف:١٠٨).

ضوابط الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر للحاكِم المسلم

إن قضيّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لِوُلاة الأمر، من الأمور الهامّة التي تشغل عقل وفكر المجتمعات الإسلامية، والتي ينبغي بيانُ حدودها وضوابطها في إطار الأدلّة الدِّينية والأحكام الشرعية.

وإنّ فقدان الموازين الشرعية في هذا الموضوع، يُؤدِّي إلى فتن تُضعف الأمّة، وإلى انقسامات تعصف بأمْنها، ولا سيما في هذا العصر الذي ابتعد فيه بعض الحكام من المسلمين عن توجيهات الإسلام في الحُكم، ووَلَّوْا وجوههم شطر الأنظمة الغربية. وممّا زاد الأمر نفوراً بين الرّاعي والرّعية، وزرع بذور انعدام الثقة بين العلماء والأمراء: التّوجّه العلماني لبعض المفكِّرين والمثقَّفين الذين تَربَّوْا على موائد التبشير والاستشراق والاستعمار، وشربوا من مستنقع الثقافة الغربية الإلحادية المادية حتى ثملوا، فترنّحت عقولهم؛ حيث أخذوا يحادّون الله ورسوله، وينالون من الحضارة والنظم الإسلامية، ولا سيما فيما يخصّ جانب

<<  <   >  >>