السليم"، وهذا ما ذكَره الرسول -صلى الله عليه وسلم- لِمَن سأله عن البِرّ؛ فعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه-، قال: أتيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال:((جئتَ تسأل عن البِرّ والإثْم؟))، قلت: نعم. فقال:((استفْتِ قلبَك. البِرُّ: ما اطمأنّتْ إليه النفْسُ واطمأنّ إليه القلب. والإثمُ: ما حاك في النّفْس وتردّد في الصدر، وإن أفتاك الناسُ وأفْتَوْك))، رواه أحمد والدارمي.
وفي رواية أخرى عن النواس بن سمعان -رضي الله تعالى عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((البِرُّ: حُسْن الخُلُق. والإثم: ما حاك في نفْسك، وكرهْتَ أن يطّلعَ عليه الناس))، رواه مسلم.
فقلوب عباد الرحمن تتّحد في حُكمها على المُنكَرات، وتُجمع على بُغضها وكراهتها للفواحش، وإن لم تُعبِّر الأيدي والألْسنة على هذا؛ إذ إنّ واقع الحال والمشاهدة يُؤكِّده؛ ولذلك عُدّ إجماع الأمّة على أمرٍ ما هو اجتماع حقٍ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تجتمع أمّتي على ضلالة)).
ولذا، فإنّ توحُّد القلوب على بُغض المنكرات وكُرْه فاعِلها، وإشعاره باحتقار المجتمع له وازدرائه به، لدافعٌ قويّ ومؤثِّر في تغيير المُنكَر. ويصبح هذا شعوراً عاماً ومَظهراً اجتماعياً ذا أثَر فعّال في التغيير بالقلب، لا يقلّ أهمّيّة عن التغيير باليد واللسان. ولهذا أضاف -صلى الله عليه وسلم- الأمْر بالتغيير إلى الثلاث غير أنه -صلى الله عليه وسلم- أضاف: أنّ الاكتفاء بالقلب دون الوسائل الأخرى يُنبئ أحياناً عن ضعف الإيمان الذي يفِرّ من المواجهة، ويخشى من التّصدِّي باليد واللسان. وإن الإنكار بالقلب لا يُعفي من المساءلة إذا كان لدى الإنسان القدرة على المواجهة باليد أو اللسان. وفي نفس الوقت لم يُحْرم من ثواب الله، لبُغْضه المنكر وعجزه عن مقاومته، لأن هذا فوق طاقته وأكبر مِن قدراته.
فعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من نبيٍّ بعَثه الله في أمةٍ قبْلي إلاّ كان مِن أمّته حواريّون وأصحابٌ يأخذون بسنّته ويقتدون بأمْره. ثم إنها تَخلُف مِن بعْدِهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون؛ فمَن