القرآن الكريم هو حُجّة الله البَالِغة على عِباده، ومَوضع الحُجّة القاهِرة فيه: إعجاز الخَلق عن الإتيان بسورة مِن مِثْله.
ويَنبغي ألاّ يَكون إدراك إعجازِه مَوقوفاً على فُصحاء العرب فَقط؛ فالإنسانية كلّها مُخاطَبة به، مُطالبة بالتَّسلِيم له، لأنه كَلام الله للبَشر جَميعاً، فكان لا بدّ من إعجاز يَشترك في إدراكه العربيّ والأعجميّ. والإعجاز العلمي في القران الكريم هو أحد أوجُه الإعجاز الذي يَعجز المُلحدون أن يَجدوا مَوضعاً للتَّشكيك فيه، إلاّ أن يتبرؤوا من العَقل ويُلقون التفكير.
وقبل أن نُبيِّن مَدى ارتباط العُلوم الكَونيّة بعِلم الدّعوة، يَنبغي أن نُوضِّح الحقائق التالية:
أولاً: إن القرآن الكريم هو كتاب الله المُحكَم المُفصّل، قال تعالى:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(هود:١).
وهذا التَّفصيل والإحكام لا يتوقّف عند زمنٍ معيَّن ولا أقوام بعَيْنهم، وإنما هو مُتجدِّد العَطاء، دائم التَّحدّي والإعجاز، حتى يَرث الله الأرض ومَن عليها.
ثانياً: هناك تَوافق بين آيات القرآن الكريم وسُنن الله تعالى في الكون، وليس ثمّت تَعارض بين آيات الذِّكر الحكيم والقوانين العِلميّة والسُّنن الكونيّة الثابتة.
فالقرآن كلام الله، والكون خلْق الله، فلا اختلاف بينهما؛ ولهذا قيل:"القرآن كون الله المَقروء، والكَون قرآن الله المَنظور".