للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - من صفات الدّعاة

الإخلاص في القول والعمل

الإخلاص هو: تجريد قصْد التّقرّب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب. فكلّ شيء يُتصوّر أنه يشوبُ لغيره، فإذا صفا عن شوْبه وخلُص، سُمِّي: خالِصاً.

ويُسمَّى الفعل المصفّى المخلّص: "إخلاصاً"، قال تعالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} (النحل:٦٦).

فإنما خلوص اللّبن بأن لا يكون فيه شائبة من الشوائب، من الدم أو الفرْث، ومن كلّ ما يمتزج به.

والإخلاص يضادّه: "الإشراك"؛ فمن ليس مخلِصاً فهو: مُشرِك. والشّرك درجات، كما أنّ للإخلاص درجات. فالتوحيد يضادّه: الإشراك في الألوهية. والشرك منه خفِيّ، ومنه جليّ، فالجليّ هو: الشِّرك الأكبر، كاتخاذ الشركاء والأنداد؛ وهو من الكبائر التي لا تُغتفر، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:٤٨).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((اجتنِبوا السّبْع الموبقات) وعدّ في مقدّمتها: الإشراك بالله. أمّا الشّرك الخفيّ فهو: ما يتسرّب إلى أعمال القلوب وخفايا النفوس؛ وهذا لا يطّلع عليه إلاّ علاّم الغيوب، قال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (النساء:١٤٩).

والاعتبار في الإخلاص يتوقّف على حُسن النِّيّة وصحّة قصْد الفعل لله؛ فكلُ حظّ من حظوظ الدنيا تستريح إليه النّفْس ويميل له القلب، قلّ أم كثُرَ، إذا تطرّق

<<  <   >  >>