فالاعتقاد القلبيّ اليقينيّ الصادق للعقيدة، والقيام بأداء العبادات، فرْض على كلّ مسلم بالغ عاقل، مع شروط التكليف لكلّ عبادة.
ولقد شرع الله الحدود في الدنيا والعقوبات في الآخرة، صيانةً للعقيدة وحفظاً للشريعة، وأمناً للمجتمع، واستمراراً للإسلام. وجعل من واجب الأمّة -ولا سيما علماؤها ودُعاتها-: الحرص على أداء الشعائر، وذلك بتثبيت المؤمنين الطائعين على إيمانهم، وتبشيرهم بما أعدّه الله لهم في الآخرة، ليزدادوا إيماناً على إيمانهم، ويقيناً صادقاً لا يُخالجه أدنى شكّ أو ريْب في وعْد الله لهم بالجنة.
فلقد تناولنا الأوامر والنواهي في الشريعة الإسلامية، وانتهينا إلى القول فيما يتعلّق بالواجبات. وفي هذه المحاضرة نتناول: النهي عن المنكر، حيث يتّجه النهي إلى نوعيْن من الناس:
النوع الأول: المقصِّرون في العبادة، المتكاسلون عنها، دون جحود أو إنكار، المتشاغلون في الدنيا عن بعض الفرائض والواجبات؛ فهؤلاء يحتاجون لِمَن يوقظهم من غفلتهم، وأن يجلُوا ما ران على قلوبهم من غشاوة، وأن يزيلوا ما في عقولهم من حُجب النسيان، قال تعالى:{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ}(الغاشية:٢١).
وقال تعالى:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}(الأعلى:٩).
وهؤلاء هم الأوّابون إلى الله، المبادرون بالتّوبة، المتسابقون إلى الطاعة. فبمجرّد سماع التذكرة والنصيحة، تقشعرّ قلوبُهم لأقلّ معصية، وترتعش أبدانهم لأدنى تقصير، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}(الأعراف:٢٠١).