يقول الإمام ابن كثير:"تذكروا عقاب الله وجزيل ثوابه ووعْده، فتابوا وأنابوا، واستعاذوا بالله، ورجعوا من قريب".
وهؤلاء لا يُقسَى عليهم بالموعظة، ولا يُعنّفون أثناء النصيحة، ولا يُتهدّدون بالعقوبة؛ فالكلمة الحسنة توقظهم من غفلتهم، والتّوجيه الحليم الرفيق يفجّر ينابيع الخير في نفوسهم، فيتخلّصون من ذلّ المعصية، وينتقلون إلى عزّ الطاعة. فهم يَصدُق عليهم قولُ الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}(الشورى:٢٥، ٢٦).
النوع الثاني: جماعة من المؤمنين غرّتْهم الحياة الدنيا وزينتُها، فاندفعوا في طلَبها، وركضوا في تحصيلها كما يركض الوحش في البرية، وزيِّن لهم الشيطان سوء أعمالهم، فارتكبوا المعاصي وانغمسوا في الشهوات، حتى قستْ قلوبهم، فأصبحوا يعيشون في دائرة المعصية لا يخرجون منها، وتنكّبوا الطريق المستقيم، وصرفتهم رياح الفسوق فوقعت بهم إلى هاوية الذنوب، ومنحدَر الخطيئة، وإثم الفجور والعدوان.
هؤلاء العصاة كالوباء، يجب محاصرتهم وعلاجهم، وتوخّي الحِكمة والحيطة والحذر في نهْيهم عن المنكر. ويكون ذلك بما يلي:
أولاً: دراسة أسباب المعاصي، وقد سبق أن تناولناها في المحاضرة السادسة.
ثانياً: التّعرّف على حقيقة ما يُرتكب من المُنكرَات؛ فقد قسّم الشرع المعاصي إلى كبائر وصغائر، فالكبيرة هي:"كلّ معصية يترتّب عليها حدّ، أو توعّد بالنار، أو اللعنة، أو الغضب".