للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مراتب التّصدّي للمُنكَر وإزالته

من الأسُس والقواعد التي يقوم عليها إنكار المُنكر وإزالته: وقوفُ الدّعاة على مراتب التّصدّي له حسب إمكاناتهم وقُدراتهم، وأن يستطلعوا أو يعرفوا حالة مَن يقترف السيئات، ومدى تقبّله للتّوجيه والنّصح، وأن يتحسّب الداعية مدَى ردِّ فعْله: هل سيقبل الوعظ؟ أم سيُكابر ويعاند ويتبجّح بالمعصية؟ هل سيَردعه التّصدّي باليد؟ أم سيؤدِّي ذلك لفِتن قد تكون أسوأ من ردْعه؟

ولقد وضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- مراتب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وبدأ -صلى الله عليه وسلم- بأعلى الدرجات وأقواها، ثم تدرّج إلى الأدنى حسب الاستطاعة والتمكّن؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن رأى منكم مُنكراً فلْيُغيِّرْه بيده. فإن لم يستطِعْ، فبلِسانه. فإن لم يستطعْ، فبقلْبه؛ وذلك أضعف الإيمان))، رواه مسلم.

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من نبيٍّ بعَثَه الله في أمّة قبْلي إلاّ كان له مِن أمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسُنّته ويقتدون بأمْره. ثم إنها تَخلُف مِن بَعْدهم خُلوفٌ، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمَرون. فمَن جاهَدَهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبّةُ خردل))، رواه مسلم.

فمِن هذيْن الحديثيْن الشريفيْن، يضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- مراتب إنكار المنكر والتصدي له على النحو التالي:

<<  <   >  >>