للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الله تعالى، فيكون ذلك إثماً لأمْنه مكْر الله وجهْله بمكامن الغرور بالله. قال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:٣٠).

قال تعالى موضحاً حال المتهاونين الذين انتابهم الغرور: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (الحديد:١٤).

وقد حذّر القرآن الكريم من تغرير الشيطان للإنسان وإغوائه، قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً} (النساء:١٢٠).

خامساً: أن يأتي الإنسان الذّنب ويستره الله، فيُظهره بأن يَذْكُره بعد إتيانه، أو يكرّر الذنب في موقع آخَر؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ما معناه: "كلّ أمّتي معافىً إلاّ المجاهِرين، يبيت أحدُهم على ذنب قد ستره الله، فيصبح فيكشف ستْر الله، ويتحدث عن ذنبه"، متفق عليه.

سادساً: أن يكون المذنب عالِماً يُقتدى به؛ فإذا فعَله بحيث يُرى، كبُر ذنبُه وعظُمت معصيتُه، كمن يشترك من العلماء والدّعاة في بعض البدع والمنكرات، كموالد الأولياء، والطواف حول الأضرحة والقبور، وتقديم النذور لغير الله، فإذا كان حدوث ذلك من العوام والجهال يُتسامح فيه لسذاجتهم وجهلهم، فإنه لا يُتسامح في حقّ العلماء. قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (البقرة:٤٤).

بهذا التّحديد الدقيق لكلٍّ من الكبيرة والصغيرة، وبالوقوف على الأسباب والدوافع، تأتي المرحلة التالية وهي: إقدام الدعاة والمحتسبين على الجانب القولي والفعلي للتّصدّي للمنكرات وإزالتها.

<<  <   >  >>