ثالثاً: يَنبغي أن لا يُفسّر القرآن، ولا يُستدلّ به على نَظريّات لا تَزال محلّ بحث وفَحص، ولم تَرْقَ إلى مرتبة القوانين العلميّة الثابتة، كقانون الجاذبيّة، وكقوانِين طفو الأجسام وغوْصها ...
رابعاً: يَنبغي ألاّ يُستدلّ بالحقائق العلميّة على صدْق القرآن، ولكن يَجب أن يُستدل بالقرآن على صِحّة الحَقيقة العِلميّة، وإذا ما حدث تعارضٌ ما فيجب أن يُعاد النَّظر في القانون العِلميّ، أو مُعاودة دِراسة الظاهِرة الكَونيّة في ضوء البحث العلمي، بأدوات بحثه المُتقدّمة وفي ضوء تفسير الآية، وفق مَدلولات اللغة العربية.
خامساً: إنّ الإعجاز العِلمي للقرآن الكريم ليس في اشتماله على النَّظريات العِلميّة التي تَتجدّد وتَتبدّل، وتكون ثَمرة للجُهد البشري الذي يُخطِئ ويُصيب؛ وإنما الإعجاز العلميّ يهدف إلى توجيه العقول إلى التفكّر فيما يحيط بالإنسان في هذا الكون، قال تعالى:{وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}(الذاريات:٢٠، ٢١).
سادساً: يَنبغي ألاّ يُتعسّف في التأويل، ولا يُشتَطّ في التفسير، لإخضاع كلّ القوانين العلْميّة للقرآن الكريم؛ فمِن الخَطإ الاعتقاد أن يتضمّن القرآن كلّ نظريّة علْميّة، وكلّما ظَهر سِرّ نظريّة جَديدة، سارع البعض يلتمس لها تأويلاً وتفسيراً في القرآن الكريم.
وبعد هذه التَّوضيحات، فإن عِلْم الكَونيات وغيرها من العلوم التطبيقية، لَذو صِلة وثيقة بعلْم الدّعوة، وعلى الداعية أن يَتعرّف على الآيات التي تتناول سُنناً كَونية، أو ظاهرة فَلكيّة، لتكون من مَوضوعات دَعْوته، يَدعم بها حَديثه، ويُوطِّد بها استدلالاته. ومن ذلك ما يلي: