السبب الثاني: خشيته تفرّق بني إسرائيل، وحدوث شقاق وفتنة بينهم.
ثالثاً: أنه لا ينبغي للدّاعية أن يغمض عينه عمّا يدور حوله من المنكَرات، بل يجب عليه أن يكشف عن أضرارها وأخطارها؛ وهذا ما فعَله هارون -عليه السلام- بالموعظة. قال تعالى:{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي}(طه:٩٠).
رابعاً: أنه في حالة خروج إزالة المُنكَرات عن قدرات الدّاعي وسلطاته، فلينتظرْ حتّى يأتي مَن هو أقدر منه ليتولّى الأمْر من واقع إمكاناته؛ وهذا ما فعَله هارون -عليه السلام- حينما وجَد أنّ قدراته لا تمكِّنه من إزالة العِجل الذي اتّخذوه إلهاً، فانتظر حتى رجع موسى -عليه السلام- من مناجاة ربه.
خامساً: عدم التّسرّع في إلقاء اللّوم على الدعاة لتقصيرهم، دون الوقوف على أسباب هذا التقصير؛ فحينما استمع موسى -عليه السلام- لأخيه هارون، وتبيّن له وجهة نظره، دعا الله له ولأخيه أن يغفر لهما قال تعالى:{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(الأعراف:١٥١).
سادساً: ينبغي أن يُحافَظ على هيبة الدّعاة وعدم النيْل منهم أمام الناس أو عبر وسائل الإعلام، حتى لا تسقط مكانتهم في المجتمع؛ وهذا ما أشار إليه هارون -عليه السلام- بقوله لموسى -عليه السلام- {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(الأعراف:١٥٠).
سابعاً: عدم القيام بالدعوة في حالة الانفعال والغضب والثورة؛ وهذا ما فعَله موسى -عليه السلام-. قال تعالى:{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}(الأعراف:١٥٤).