فوالله إني لأراه مؤمناً، فقال: أو مسلماً. وظلّ يُردِّد ذلك. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا سعد. إني لأعطي الرجلَ وغيرُه أحبّ إليّ منه، خشية أن يُكبَّه الله في النار))، متفق عليه.
وعن أنس -رضي الله عنه-، قال:((كان الرّجُل يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيُسلِم لشيء يُعطاه من الدنيا، فلا يُمسي حتى يكونَ الإسلام أحبّ إليه وأعزّ عليه من الدنيا وما فيها))، رواه الإمام أحمد في "مسنده".
وصوَر تآلف الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه تعطّر سيرته الحميدة.
أمّا السِّتْر:
فهذا خُلُق إسلامي رفيع، يصون الأعراض، ويحفظ المجتمعات، ويقطع ألْسنة الفتن، ويرأب صدع المجتمع، ويسدل على المعصية غطاءً، فلا تنكشف سوأتها، ولا تفوح رائحتها الخبيثة في المجتمع. وهناك فرق كبير بين السّتْر على الجريمة، وبذْل الوسائل لعدم اكتشافها، وتمكين مُرتكبيها من الفرار من وجه العدالة، وبين السِّتْر على هفوات البعض الذين يرتكبون الذّنْب لأوّل مرة، وقد يقعون في أخطاء لظروف أحيطت بهم أو فُرضت عليهم؛ فهذه أحوال تُترك لوجهة نظر الدّاعية حيث يُقدّر الظرف الذي ارتُكِب فيه الذّنب، ويرى أيهما أفضل: السِّتر أم الإعلان والتشهير؟
ولقد كان السِّتر أسلوباً من أساليب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. والأمثلة كثيرة وعديدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
١ - ما روي عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: ((كنتُ عند النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً فجاءه رجل فقال: يا رسول الله. إني أصبتُ حداً فأقِمْه عليّ! قال: ولم يسأله عنه. قال: وحضرت الصلاة فصلّى مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة، قام إليه